يعودَ على الأَرْضِ، أو على الظُّلْمَةِ، وإنْ كان لم يَجْرِ لذلك ذِكْرٌ، فالمعنَى يقتضيه قاله الزجاج، و «جَلَّى» معناه كَشَفَ وضَوَى والفاعل ب «جَلَّى» على هذه التأويلاتِ النهارُ، ويحتمل أن يكونَ الفاعلَ اللَّهُ تعالى، كأنّه قال: والنهارِ، إذ جَلَّى اللَّهُ الشمسَ، فأقْسمَ بالنهار في أكملِ حالاتِه، و «يغْشَى» معناه: يُغَطِّي، والضميرُ للشمسِ على تجوُّزٍ في المعْنَى أو للأَرض.
وقوله تعالى: وَما بَناها وكلُّ ما بعدَه من نظائرِه في السورةِ يحتملُ أَن تَكُوْنَ «ما» فيه بمعنى الذي قاله أبو عبيدة، أي: ومَنْ بَناهَا، وهو قولُ الحسن ومجاهد، فيجيءُ القسمُ باللَّه تعالى «١» ، ويحتملُ أَنْ تَكُونَ مَا في جميعِ ذلك مصدرية قاله قتادةُ والمبردُ والزجاجُ، كأنَّه قالَ: والسماءِ وبنائِها «٢» ، و «طحا» بمعنى: دَحَا، ت: قال الهروي:
قوله تعالى: وَالْأَرْضِ وَما طَحاها أي بَسَطَها فأوسَعَها، ويقال طَحَا بِه الأمْرُ أي اتَّسَعَ به في المَذْهَبِ، انتهى، والنفسُ التي أقْسَمَ بِها سبحانه اسْمُ جنسٍ، وتسويتُها إكمالُ عقلها ونظرها.
وقوله سبحانه: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها أي: عرَّفَها طرق «٣» ذلكَ، وجَعَلَ لها قوةً يصحُّ معها اكتسابُ الفُجُور أو اكتسابُ التقوى، وجوابُ القَسَمِ في قوله: قَدْ أَفْلَحَ والتقديرُ: لَقَدْ أفْلَحَ، زاد- ص-: وحُذِفَتْ اللامُ للطُولِ انتهى، والفاعلُ ب «زكى» يحتملُ أَن يكُونَ اللَّهُ تَعَالَى قاله ابن عباس وغيره «٤» ، ويحتمل أن يكون الإنسان قاله
(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٦٠١) عن مجاهد، برقم: (٣٧٣٦٨) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٨٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥١٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٩٩) ، وعزاه للحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عبّاس بنحوه. [.....] (٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٦٠١) ، (٣٧٣٦٧) عن قتادة، وذكره البغوي (٤/ ٩٩٢) ، وابن عطية (٥/ ٤٨٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥١٥) عن قتادة. (٣) في د: طريق. (٤) أخرجه الطبري (١٢/ ٦٠٣) ، (٣٧٣٨٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٨٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٦٠٢) ، وعزاه لحسين في «الاستقامة» ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.