الفائتة وغير ذلك، وأمَّا التوبة من المعاصي فلأهل السُّنَّةِ فيها قولان: هل تُذْهِبَ المعاصيَ السالفةَ للعبد بينه وبين خالقه؟ فقالت فرقة: هي مُذْهِبَةٌ لها، وقالت فرقة: هي في مشيئة اللَّه تعالى، / وأجمعوا أَنَّها لا تُذْهِبُ مظالم العباد، وحقيقةُ التوبة: الإقلاعُ عن المعاصِي، والإقبالُ، والرجوعُ إلى الطاعات، ويلزمها النَّدَمُ على ما فَاتَ والعَزْمُ على ملازمة الخَيْرَات.
وقال سَرِيٌّ السِّقَطِيُّ: التوبة: العَزْمُ على ترك الذنوب والإقبالُ بالقَلْبِ على عَلاَّم الغيوب، وقال يحيى بن مُعَاذٍ: التائبُ: مَنْ كَسَرَ شَبَابَهُ على رأسه، وكَسَرَ الدنيا على رأسِ الشيطان، [ولزم الفِطام]«١» حتى أتاه الحِمَام «٢» .
وقوله تعالى: عَنْ عِبادِهِ بمعنى مِنْ عباده، وكأنه قال: التوبة الصادرة عن عباده، وقرأ الجمهور:«يَفْعَلُونَ» بالياء على الغَيْبَة، وقرأ حمزة والكسائيُّ:«تَفْعَلُونَ» بالتاء على المخاطبة «٣» ، وفي الآية توعُّد.
وقوله تعالى:«ويستجيب» قال الزَّجَّاجُ وغيره: معناه: يجيبُ، والعَرَبُ تقول: أجاب واستجاب بمعنى، والَّذِينَ على هذا التأويل: مفعول «يستجيب» ، وروي هذا المعنى عن معاذِ بن جَبَلٍ، ونحوه عن ابن عباس «٤» ، وقالت فرقة: المعنى: ويستدعي الذين آمنوا الإجابة من ربهم بالأعمال الصالحات، ودَلَّ قوله: وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ على أنَّ المعنى: فيجيبهم، والَّذِينَ على هذا القول فَاعِلُ يَسْتَجِيبُ،، وقالتْ فرقة: المعنى: ويجيبُ المؤمنونَ رَبَّهم، ف الَّذِينَ فاعلٌ بمعنى: يجيبُونَ دَعْوَةَ شَرْعِهِ ورسالتِهِ، والزيادة من فضله هي تضعيفُ الحسنات، ورُوِيَ عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قال:«هِيَ قَبُولُ الشَّفَاعَاتِ في المُذْنِبِينَ، والرضوان» .
(١) سقط في: د. (٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٥) . (٣) وقرأ بها حفص عن عاصم. ينظر: «السبعة» (٥٨٠) ، و «الحجة» (٦/ ١٢٨) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٢٨٣) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٣٥٦) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ٢١٢) ، و «العنوان» (١٧٠) ، و «حجة القراءات» (٦٤١) ، و «إتحاف» (٢/ ٤٥٠) . (٤) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٥) .