وقوله تعالى: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ: أي: يبيِّن طرق الصواب، ثم وصف الأصنام بأنها لا تَهْدِي إِلا أنْ تُهْدَى.
وقوله: إِلَّا أَنْ يُهْدى: فيه تَجوُّز، لأنا نجدها لا تُهْدَى وإِنْ هُدِيَتْ، وقال بعضهم: هي عبارة عن أنها لا تنتقلُ إِلا أنْ تُنْقَلَ، ويحتمل أنْ يكون ما ذَكَرَ اللَّه مِنْ تسبيح الجمادَاتِ هو اهتداؤها، وقرأ نافع وأبو عمرو:«يَهْدِّي»«١» - بسكون الهاء، وتشديد الدَّال-، وقرأ ابن كثير وابنُ عامر: يَهَدِّي- بفتح الياء/ والهاء، وتشديد الدَّال «٢» - وهذه رواية وَرْشٍ عن نافعٍ، وقرأ حمزة والكسائي:«يَهْدِي» - بفتح الياءِ، وسكون الهاء «٣» - ومعنى هذه القراءة: أَمَّنْ لا يَهْدِي أَحداً إِلا أَن يُهْدى ذلك الأَحْدُ، ووقف القُرَّاء: فَما لَكُمْ، ثم يبدأ: كَيْفَ تَحْكُمُونَ.
وقوله سبحانه: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ... الآية: أخبر اللَّه سبحانه عن فساد طريقتهم، وضَعْفِ نَظَرِهم، وأنه ظَنٌّ، ثم بيَّن منزلة الظنِّ من المعارف، وبعده عن الحقّ.
وقوله سبحانه: وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: هذا ردٌّ لقول من يقول: إنّ محمدا يفتري القرآن، والَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: التوراةُ والإِنجيل، وهم يقطعون أنَّه لم يطالِعْ تلك الكُتُب، ولا هي في بلده، ولا في قومه، وتَفْصِيلَ الْكِتابِ هو تبيينه.
وقوله: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ... الاية:«أم» هذه ليست بالمعادلة لهمزة الاستفهام،
(١) ينظر: «السبعة» ص: (٣٢٦) ، «الحجة» (٤/ ٢٧٤- ٢٧٥) ، «حجة القراءات» ص: (٣٣١- ٣٣٢) ، «إعراب القراءات» (١/ ٢٦٨) ، و «إتحاف» (٢/ ١٠٩) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٤٤) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٣٥١) ، و «العنوان» (١٠٥) ، «شرح شعلة» (٤٢٢) : ينظر السابق. وذكره ابن عطية (٣/ ١١٩) ، وذكر أنها قراءة شيبة والأعرج، وأبي جعفر. (٢) ذكره ابن عطية (٣/ ١١٩) . (٣) ذكره ابن عطية (٣/ ١١٩) .