قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... الآيَةَ:«يَا» : حرفُ نداءٍ، وفيه تنبيهٌ، و «أَيُّ» هو المنادى، قال مجاهد: يا أَيُّهَا النَّاسُ حيث وقع في القرآن مكّيّ، ويا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مدنيٌّ «١» .
قال ع «٢» : قد تقدَّم في أول السورة أنها كلها مدنية، وقد يجيء في المدنيّ:
يا أَيُّهَا النَّاسُ.
وأما قوله في: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فصحيح.
اعْبُدُوا رَبَّكُمُ: معناه: وحِّدوه، وخصوه بالعبادة، وذكر تعالى خلقه لهم إِذ كانت العرب مقرة بأن اللَّه خلقها، فذكر ذلك سبحانه حجةً عليهم، ولعل في هذه الآية قال فيها كثيرٌ من المفسِّرين: هي بمعنى إيجاب التقوى، وليست من اللَّه تعالى بمعنى ترجٍّ وتوقُّع، وفي «مختصر الطَّبَرِيِّ» : لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ عن مجاهد، أي: لعلَّكم تطيعون «٣» ، والتقوَى التوقِّي من عذاب اللَّه بعبادته، وهي من الوقاية، وأما «لَعَلَّ» هنا، فهي بمعنى «كَيْ» أو «لامِ كَيْ» ، أي: لتتقوا، أوْ لكَيْ تتقوا، وليست هنا من اللَّه تعالى بمعنى الترجِّي، وإنما هي بمعنى كَيْ، وقد تجيء بمعنى «كَيْ» في اللغة قال الشاعر: [الطويل]