وقوله سبحانه: وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً معناه/ أبرزناها لَهُمْ لتجمعهم وتحطِّمهم، ثم أكَّد بالمصدر عبارةً عن شدَّة الحال.
وقوله: أَعْيُنُهُمْ كنايةٌ عن البصائر، والمعنى: الذين كانَتْ فِكَرُهم بينها، وبَيْن ذكري والنَّظَرِ في شَرْعِي- حجابٌ، وعليها غطاءٌ وَكانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً يريد لإِعراضهم ونِفارهم عن دعوة الحق، وقرأ الجمهور «٢» ، «أفَحِسِبَ الَّذِين كَفَرُوا» - بكسر السين- بمعنى «أظَنُّوا» وقرأ علي بن أبي طالب «٣» وغيره وابنُ كَثِير، بخلافٍ عنه:
«أَفَحَسْبُ» بسكون السين وضمِّ الباء، بمعنى «أَكافِيهِمْ ومنتهى غرضهم» ، وفي مصحف ابن مسعود «٤» : «أَفَظَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» وهذه حجة لقراءة الجمهور.
وقوله: أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي قال جمهور المفسِّرين: يريد كلَّ مَنْ عُبِدَ من دون اللَّه كالملائكة وعزير وعيسى، والمعنى: أن الأمر ليس كما ظَنُّوا، بل ليس لهم من ولاية هؤلاءِ المذكُورين شيء، ولا يجدون عندهم منتفعا وأَعْتَدْنا معناه: يَسَّرنا، و «النُّزُل» موضع النزول، و «النُّزُل» أيضاً: ما يُقدَّم للضْيفِ أو القادم من الطَّعام عند نزوله، ويحتملُ أنْ يريد بالآية هذا المعنى: أنَّ المعدَّ لهؤلاء بَدَلَ النُّزُلِ جهنَّم، والآية تحتملُ الوجهِينِ، ثم قال
(١) تقدم تخريجه. (٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٥٤٥) ، و «الدر المصون» (٤/ ٤٨٤) . (٣) وقرأ بها ابن عباس، وابن يعمر، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، ونعيم بن ميسرة، والضحاك، ويعقوب، وابن أبي ليلى. ينظر: «المحتسب» (٢/ ٣٤) ، و «الكشاف» (٢/ ٧٤٩) ، و «المحرر الوجيز» (٣/ ٥٤٥) ، و «البحر المحيط» (٦/ ١٥٧) ، وزاد نسبتها إلى ابن محيصن، وأبي حيوة، والشافعي، ومسعود بن صالح، وينظر: «الدر المصون» (٤/ ٤٨٤) ، و «الشواذ» ص: (٨٥) . (٤) ينظر: «الكشاف» (٢/ ٧٤٩) ، و «المحرر الوجيز» (٣/ ٥٤٥) ، و «البحر المحيط» (٦/ ١٥٧) .