وقالتْ طائفة: هذا حكم صدَقَاتِ المسلمين حتى نزلَت الزكاةُ المفروضةُ، فنسخَتْها.
قال ع «١» : والنسخ غَيْرُ مترتِّب في هذه الآية، ولا تَعَارُضَ بينها وبيْن آية الزكاة، بل تَنْبَنِي هذه على النَّدْبِ، وتلك على الفرض.
وقوله سبحانه: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ النهْيُ عن الإسراف: إما للناس عن التمنُّع عن أدائها لأن ذلك إسراف من الفعْلِ، وإما للولاة عن التشطُّط على الناسِ والإذاءة لهم، وكلٌّ قد قيلَ به في تأويل الآية.
وقوله سبحانه: وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً حَمُولَةً: عطْفٌ على جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ. التقدير: وأنشأنا من الأنعامِ حمولةً، والحَمُولَةُ: ما تحمل الأثقال مِنَ الإبل والبقر عنْدَ مَنْ عادته أنْ يحمل عليها، والفَرْش: ما لا يحمل ثقلاً كالغنم وصِغَار البَقَر والإبل، وهذا هو المرويُّ عن ابْنِ مسعود وابن عباس والحَسَن «٢» وغيرهم، ولا مَدْخَل في الآية لغَيْر الأنعام، وقوله: كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ: نصُّ إباحةٍ، وإزالةُ مَا سَنَّه الكفرة من البَحِيرَة والسَّائبة وغير ذلك، ثم تابع النهْيَ عن تلك السُّنَن/ الآفكة بقوله سبحانه: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ، وهي جمع خُطْوَة، أي: لا تَمْشُوا في طريقه، قُلْتُ: ولفظ البخاريِّ: خُطُواتِ من الخَطْو، والمعنى: آثاره. انتهى.
- ونحوه بعد دياسه وتقويمه. ينظر: «لسان العرب» (٢٢٩، ٤٣٨٢) ، و «المعجم الوسيط» (٧٨) . [.....] (١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٣٥٣) . (٢) أخرجه الطبري (٥/ ٣٧٢، ٣٧٣) برقم (١٤٠٥٠، ١٤٠٥٥، ١٤٠٥٦، ١٤٠٥٧) عن ابن مسعود، (١٤٠٥١، ١٤٠٦٠، ١٤٠٦١) عن ابن عباس، و (١٤٠٥٨، ١٤٠٥٩، ١٤٠٦٧) عن الحسن، وغيرهم منهم (١٤٠٥٢، ١٤٠٥٣، ١٤٠٥٤) عن مجاهد، و (١٤٠٦٣، ١٤٠٦٤) عن قتادة، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٥٤) ، وابن كثير (٢/ ١٨٢) ، والسيوطي (٣/ ٩٤) وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وأبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والطبراني، والحاكم، وصححه عن ابن مسعود.