وقوله سبحانه: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ قال الحسن بن أبي الحسن وغيره: الأولون سالف الأُمَمِ، منهم جماعةٌ عظيمة أصحابُ يمين، والآخِرُونَ: هذه الأُمَّةُ، منهم جماعة عظيمة أهلُ يمين «١» ، قال ع «٢» : بل جميعهم إلاَّ مَنْ كان مِنَ السابقين، وقال قوم من المتأولين: هاتان الفرقتان في أُمَّةِ محمد، ورَوَى ابن عبّاس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أَنَّه قال:«الثُّلَّتَانِ مِنْ أُمَّتِي»«٣» ، وروى ابن المبارك في «رقائقه» عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قال: «إنَّ أُمَّتِي ثُلُثَا أَهْلِ الجَنَّةِ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، وَإِنَّ أُمَّتِي مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُونَ صَفًّا»«٤» انتهى.
وقوله سبحانه: وَأَصْحابُ الشِّمالِ ... الآية: في الكلام معنى الإنحاء عليهم/ وتعظيم مصائبهم، والسَّمُومُ: أشد ما يكون من الحَرِّ اليابس الذي لا بَلَلَ معه، والحميم: السخن جِدًّا من الماء الذي في جهنم، واليَحْمُومُ: هو الدخانُ الأسودُ يُظِلُّ أهلَ النار قاله ابن عباس «٥» والجمهور، وقيل: هو سرادق النار المحيط بأهلها فإنَّهُ يرتفع من كل ناحية حتى يُظِلَّهُم، وقيل: هو جبل في النار أسود.
وقوله: وَلا كَرِيمٍ معناه: ليس له صفة مدح، قال الثعلبيُّ: وعن ابن المُسَيِّبِ وَلا كَرِيمٍ أي: ولا حسن «٦» نظيره من كل زوج كريم، وقال قتادة: لاَّ بارِدٍ: النزل وَلا كَرِيمٍ: المنظر «٧» ، وهو الظِلُّ الذي لا يغني من اللهب، انتهى، والمترف: المنعّم
(١) أخرجه الطبري (١١/ ٦٤٤) ، برقم: (٣٣٤٣٨) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٤٥) . (٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٤٥) . (٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٢٧) موقوفا على ابن عبّاس، وعزاه إلى عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن مردويه. (٤) أخرجه نعيم بن حماد في زياداته على كتاب «الزهد» (١١٣) (٣٧٩) . (٥) أخرجه الطبري (١١/ ٦٤٦) ، برقم: (٣٣٤٥٠) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٤٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٢٨) ، وعزاه للفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه. (٦) ذكره البغوي (٤/ ٢٨٦) . (٧) أخرجه الطبري (١١/ ٦٤٨) برقم: (٣٣٤٦٤) ، وذكره البغوي (٤/ ٢٨٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٢٨) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر.