وقال ابن عباس وسليمان: الإِشارة إِلى آدم لما نفخ الرَّوح في رأسه، عَطَس وأبصر، فلما مشى الرُّوح في بدنه قبل ساقيه، أعجبته نفسه، فذهب ليمشي مستعجلاً لذلك «٢» ، فلم يقدر، والمعنى على هذا فأنتم ذَوُوا عجَلةٍ موروثةٍ من أبيكم، وقالت فرقة: معنى الآية:
معاتبة الناس في دعائهم بالشرِّ مكانَ ما يجبُ أنْ يدعوه بالخير.
ت: قول هذه الفرقة نقله ع «٣» غير ملخَّص، فأنا لخَّصته.
وقوله سبحانه: فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ قالتْ فيه فرقة: سببُ تعقيب الفاء أن اللَّه تعالى خَلَق الشمْسَ والقَمَر مضيئَيْنِ، فمحا بعد ذلك القَمَرَ، محاه جبريلُ بجناحه ثلاثَ مرَّات، فمِنْ هنالك كَلَفُهُ، وقالت فرقة: إِن قوله: فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ إِنما يريدُ في أصْلِ خلقته، وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً، أي: يُبْصَرُ بها ومعها، ليبتغي الناس الرزَقَ وَفَضْلَ اللَّهِ، وجعَلَ سبحانه القمَرَ مخالفاً لحالِ الشمْسِ ليعلم به العدَدُ من السنينَ والحسابُ للأشهرِ والأيامِ، ومعرفةُ ذلك في الشرْعِ إِنما هو من جهة القمرِ، لا من جهة الشمس، وحكى عياضٌ في «المدارك» في ترجمة الغازي بن قَيْس قال: روي عن الغازي بن قَيْس أنه كان يقول: ما مِنْ يومٍ يأتي إِلاَّ ويقولُ: أَنَا خَلْقٌ جَدِيد، وعَلَى مَا يُفْعَلُ فيَّ شَهِيد، فَخُذُوا مِنِّي قَبْلَ أنْ أَبِيد، فإِذا أمْسى ذلك اليومُ، خَرَّ للَّهِ ساجِداً، وقال: الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلنِي الَيْوَم العَقيم. انتهى. «والتفصيل» البيان.
وقوله سبحانه: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ قال ابن عباس: طائِرَهُ ما قدّر له
(١) ذكره الطبري (٨/ ٤٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٤١) . (٢) أخرجه الطبري (٨/ ٤٥) برقم: (٢٢١١٧) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٤١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٢٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٠١) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن عساكر. (٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٤١) .