سُكونٌ بعد حَرَكَةٍ في الأجرام، ويستعار ذلك للمعانِي، وقد قال- عليه السلام-: «لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَةٌ، ولِكُلِّ شِرَةٍ فَتْرَةٌ» ، وفي الصحيح أنَّ الفترة التي كانت بين نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وبين عيسى سِتُّمائةِ سَنَةٍ، وهذه الآية نزلَتْ بسبب قولِ اليهود: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ على بَشَرٍ بَعد موسى مِنْ شَيْءٍ قاله ابن عَبَّاس «١» .
وقوله سبحانه: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ ... الآية: المعنى: واذكُرْ لهم، يا محمَّد على جهة إعلامهم بغيب كتبهم ليتحقَّقوا نبوَّتك، ثمَ عَدَّدَ عيُونَ تلك النِّعم، فقال: إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ: أي: حاطةٌ، ومنقذون من النار، وشَرَفٌ في الدنيا والآخرة، وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً، أي: فيكم ملوكاً لأن المُلْك شَرَفٌ في الدنيا، وحَاطَةٌ في نوائبها، وَآتاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، قال مجاهد: هو المَنُّ والسلوى، والحَجَر، والغَمَام «٢» ، وقال غيره: كثرة الأنبياء وعلى هذا القول: فالعالَمُونَ على العموم، وعلى القول بأن المؤتى هو آيات موسى، فالعَالَمُونَ عالَمُ زمانهم لأنَّ ما أوتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من آيات الله أكثر من ذلك، والْمُقَدَّسَةَ معناه:
المطهَّرة، قال ابن عباس: هي الطُّور وما حوله «٣» ، وقال قتادة: هي الشام «٤» ، ...
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٥٠٧) (١١٦١٩) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢/ ١٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٤٧٦) وعزاه لابن إسحق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عباس. (٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٥١١) (١١٦٤٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٢/ ٢٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٤٧٨) وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد. [.....] (٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٥١١) (١١٦٤٩) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢/ ١٧٤) . (٤) . أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٥١٣) (١١٦٥٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٤٧٨) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة.