أحدهما: أن يهلكهم ويخرج أرواحهم على تخَّوف، أي: أفذاذاً يتنقَّصهم بذلك الشيءَ بعد الشيءِ، ويصيِّرهم إِلى ما أعدَّ لهم من العذاب، وفي هذه الرتبةِ الثالثة مِنَ الوعيدِ رأْفَةٌ ورحمةٌ وإِمهال ليتوبَ التائِبُ، ويرجِعَ الرَّاجع، والثاني: ما قاله الضَّحَّاك: أنْ يأخذ بالعذابِ طائفةً أو قريةً، ويترك أخرى، ثم كذلك حتَّى يَهْلِكَ الكُلُّ «٢» .
وقالت فرقة:«التخُّوف» هنا: من الخْوف، أي: فيأخذهم بعد تخُّوف ينالهم/ يعذّبهم به.
وقوله سبحانه: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ... الآية: قوله: مِنْ شَيْءٍ لفظٌ عامٌّ في كلِّ شخصٍ وجرْمٍ له ظلٌّ كالجبال والشجر وغير ذلك، وفَاءَ الظِّلُّ رجَعَ، ولا يقالُ: الفيء إلاَّ مِنْ بعد الزوال في مشهور كلام العرب، لكنْ هذه الآية:
الاعتبار فيها من أول النَّهار إلى آخره فكأنَّ الآية جاريةٌ في بعْضٍ على تجوُّز كلام العرب واقتضائه، والرؤية، هنا: رؤيةُ القَلْبُ ولكنَّ الاعتبار برؤية القلب هنا إنما تكون في مرئيّات بالعين، وعَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ هنا: فيه تجوُّز وآتساعٌ، وذكَرَ «٣» الطبريُّ عن الضَّحِّاك، قال: إذا زالَتِ الشمْسُ، سَجَدَ كلّ شيء قِبَلَ القبْلة من نَبْت أو شجر «٤» ولذلك كان الصالحُونَ يستحبُّون الصلاة في ذلك الوقت. قال الداوديّ: وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «أربع
المنثور» (٤/ ٢٢٣) ، وعزاه لابن أبي حاتم. (١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٣٩٦) . (٢) أخرجه الطبري (٧/ ٥٩٠) برقم: (٢١٦٢٦) ، وذكره البغوي (٣/ ٧٠) بنحوه، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥٧١) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٢٢٣) ، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. (٣) ينظر: «تفسير الطبري» (٧/ ٥٩٣) . (٤) أخرجه الطبري (٧/ ٥٩٣) برقم: (٢١٣٤) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٩٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥٧٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٢٢٤) ، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم، عن الضحاك. [.....]