وقيل: الكاف من «كمَا» رَدٌّ على «تَهْتَدُونَ» ، أي: اهتداء كما.
قال الفَخْر «١» : وهنا تأويلٌ ثالثٌ، وهو أن الكاف متعلِّقة بما بعدها، أي: كما أرسلنا فيكم رسولاً، وأوليتكم هذه النعم، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي ... الآيةَ. انتهى.
ت: وهذا التأويل نقله الدَّاوُودِيُّ عن الفراء. انتهى، وهذه الآية خطاب لأمة محمّد صلّى الله عليه وسلم وآياتِنا يعني: القرآن، ويُزَكِّيكُمْ، أي: يطهركم من الكفر، وينمّيكم بالطاعة، والْكِتابَ: القرآن، والْحِكْمَةَ: ما يتلقّى عنه صلّى الله عليه وسلم من سنَّةٍ، وفقْهٍ، ودينٍ، وما لم تكونوا تعلمون قصص من سلف، وقصص ما يأتي من الغيوب.
قوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ... الآية: قال سعيد بن جُبَيْر: معنى الآية:
اذكروني بالطاعةِ، أذكركم بالثواب «٢» .
ت: وفي تفسير أحمد بن نصر الداوديّ: وعن ابن جُبَيْر: اذكروني بطاعتِي، أذكرْكُمْ بمغفرتي «٣» ، وروي أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ، فَقَدْ ذَكَر اللَّهَ، وإِنْ قلَّت صلاته، وصيامه، وتلاوته القُرآن، ومن عَصَى اللَّه، فقد نَسِيَ اللَّه، وإِن كَثُرَتْ صلاته، وصيامه، وتلاوته القرآن»«٤» . انتهى.
(١) ينظر: «التفسير الكبير» (٤/ ١٢٩) ، و «الدر المصون» (١/ ٤٠٩- ٤١١) . (٢) ذكره ابن عطية (١/ ٢٢٦) . (٣) أخرجه الطبري (٢/ ٤٠) برقم (٢٣١٨) ، وذكره ابن عطية (١/ ٢٢٦) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٢٧٣) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وأخرجه ابن المبارك في كتاب «الزهد» باب ذكر الله تبارك وتعالى، (٩٢٨) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (١/ ١٢٨) . (٤) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٢٢/ ١٥٤) رقم (٤١٣) من طريق الهيثم بن جماز عن الحارث بن حسان، عن زاذان عن واقد مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم به مرفوعا. وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢/ ٢٦١) ، وقال: وفيه الهيثم بن جماز، وهو متروك. وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (١/ ٤٤٦) رقم (١٩٢٤) ، وعزاه إلى الحسن بن سفيان، والطبراني، وابن عساكر عن واقد. وللحديث شاهد مرسل: أخرجه ابن المبارك (ص ١٧) رقم (٧٠) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١/ ٤٥٢) رقم (٦٨٧) ، وسعيد بن منصور رقم (٢٣٠) عن خالد بن أبي عمران مرسلا. وزاد نسبته السيوطي في «الدر» (١/ ١٤٩) إلى ابن المنذر.