وقوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، قرأ ابنُ كَثِيرٍ «٢» ، وأبو عَمْرٍو، وعاصم:«أَنْ يَغُلَّ» بفتح الياء، وضم الغين، وقرأ باقي السبعة:«أَنْ يُغَلَّ» بضم الياء، وفتح الغين، واللفظةُ بمعنى الخِيَانة في خَفَاءِ، تقولُ العربُ: أَغَلَّ الرَّجُلُ يُغِلُّ إغْلاَلاً، إذا خان، واختلفَ عَلَى القراءة الأولى، فقال ابنُ عَبَّاسٍ وغيره: نزلَتْ بسبب قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ من المغانمِ يَوْمَ بَدْرٍ، فقال بعضُ النَّاس: لعلَّ رسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم أَخَذَهَا «٣» ، فقيلَ: كانت هذه المَقَالَةُ مِنْ مؤمِنٍ لم يَظُنَّ في ذلك حَرَجاً.
وقيل: كانَتْ من منافِقين، وقد رُوِيَ أن المفقود إنما كَانَ سَيْفاً، قال النَّقَّاش: ويقال:
إنما نزلَتْ لأن الرماة قالوا يوم أُحُدٍ: الغنيمةَ الغنيمةَ، فإنا نخشى أن يقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: مَنْ أَخَذ شيئاً، فهو له «٤» ، وقال ابْنُ إسحاق: الآية إنما أنزلَتْ، إعلاماً بأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكتم شيئاً مما أُمِرَ بتبليغه «٥» .
وأمَّا على القراءة الثانيةِ، فمعناها عند الجمهور، أي: ليس لأحدٍ أنْ يغل النبيَّ، أيْ:
يخونه في الغنيمة لأنَّ المعاصِيَ تَعْظُمُ بحَضْرته لتعيين توقيره.
(١) ينظر: «التذكرة» (٢/ ٥٠٤) . (٢) ينظر: «السبعة» (٢١٨) ، و «الحجة» (٣/ ٩٤) ، و «حجة القراءات» (١٧٩، ١٨٠) ، و «إعراب القراءات» (١/ ١٢٢) ، و «العنوان» (٨١) ، و «شرح شعلة» (٣٢٥) ، و «إتحاف» (١/ ٤٩٣) ، و «معاني القراءات» (١/ ٢٧٩) . (٣) أخرجه الترمذي (٥/ ٢٣٠) كتاب «التفسير» باب ومن سورة آل عمران حديث (٣٠٠٩) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. (٤) ذكره ابن عطية (١/ ٥٣٥) . (٥) ذكره ابن عطية (١/ ٥٣٥) .