فإِذا جاء المَقْدُور الواقعُ، أسلم المَرْءُ إِليه، وال مُعَقِّباتٌ على هذا التأويل: الحَفَظَةُ على العِبَادِ أَعمالهم، والحَفَظَةُ لهم أيضاً قاله الحسن «١» ، وروى فيه عن عثمانَ بْنِ عَفَّان حديثاً عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أقوى التأويلات في الآية، وعبارةُ البخاريِّ: مُعَقِّباتٌ:
ملائكةٌ حَفَظَةٌ يَعْقُبُ الأَوَّلُ منها الآخِرَ. انتهى.
وقالَتْ فرقةٌ: الضمير في «له» عائدٌ على اسم اللَّه المتقدِّم ذكره، أي: للَّه معقِّبات يحفظون عَبْده، والضمير في قوله: يَدَيْهِ وما بعده من الضمائر عائدٌ على العَبْد، ثم ذكر سبحانه أنه لا يغيِّر هذه الحالة مِنَ الحفْظِ للعبدِ حتَّى يغير العبد ما بنَفْسِهِ، وال مُعَقِّباتٌ: الجماعاتُ التي يَعْقَب بعضُها بعضاً، وهي الملائكة، وينظر هذا إلى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:«يَتَعَاقَبُ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بالنَّهَارِ ... »«٢» الحديث، وفي قراءة أُبيِّ بْنِ كَعْب:«مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ/ وَرَقِيبٌ مِنْ خَلْفِهِ» ، وقرأ ابن «٣» عباس: «وَرُقَبَاءُ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ» ، وقوله: يَحْفَظُونَهُ: أي: يحرسونه ويذبُّون عنه، ويحفظونَ أيضاً أعماله، ثم أخبر تعالى أَنه إِذا أَراد بقومٍ سوءاً، فلا مردَّ له، ولا حِفْظَ منه.
وقوله سبحانه: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ ... الآية: قد تقدَّم في أول البَقَرة تفسيرُهُ، والظاهر أنَّ الخوف إِنما هو من صَوَاعِقِ البَرْق، والطَّمَع في الماء الذي يكونُ معه، وهو قول الحسن «٤» ، والسَّحابَ: جمع سحابة ولذلك جمع الصفة، والثِّقالَ:
معناه: بحملِ الماءِ، قاله قتادة ومجاهد «٥» ، والعربُ تصفها بذلك، وروى أبو هريرة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ، قَالَ:«سُبْحَانَ مَنْ يسبّح الرّعد بحمده»«٦» ، وقال ابن أبي
(١) ذكره ابن عطية (٣/ ٣٠٠) ، والسيوطي (٤/ ٩٠) ، وعزاه لابن جرير. (٢) تقدم تخريجه. (٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٣٠٢) ، و «البحر المحيط» (٥/ ٣٦٤) . (٤) ذكره ابن عطية (٣/ ٣٠٣) . (٥) أخرجه الطبري (٧/ ٣٥٩) برقم: (٢٠٢٥٣) وبرقم: (٢٠٢٥٤، ٢٠٢٥٨) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٠٣) ، وابن كثير (٢/ ٥٠٥) ، والسيوطي (٤/ ٩٥) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. [.....] (٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧/ ٣٦٠) برقم: (٢٠٢٦٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٩٧) ،