وقوله سبحانه: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ... الآية: خَبَرٌ مضمَّنه الرَّدُّ على اليَهُودِ الذين قالوا: إنَّ اللَّه خلق الأشياء كلها، ثم استراح يَوْمَ السبت، فنزلت: وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ واللُّغُوب: الإعياء والنَّصَبُ.
وقوله تعالى: فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ أي: ما يقوله الكفرة من أهل الكتاب وغيرِهم، وعَمَّ بذلك جميعَ الأقوال الزائِغَةِ من قريش وغيرهم وَسَبِّحْ معناه: صَلِّ بِإجماعٍ من المتأولين.
ت: وفي الإِجماع نظر وقد قال الثعلبيُّ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي: قل سبحان اللَّه والحمدُ للَّه قاله عطاء الخُرَاسَانِيُّ، انتهى، ولكن المخرَّجُ في الصحيح إنما هو أمر الصلاة، وقال ابن العربي في «أحكامه»«١» : قوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ فيه أربعة أقوال:
أحدها: أَنَّه تسبيحُ اللَّهِ في الليل، ويَعْضُدُ هذا القولَ الحديثُ الصحيحُ:«مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لاَ إله إلاَّ اللَّهُ»«٢» الحديثَ، وقد ذكَرْنَاهُ في سورة «المزمل» .
والثاني: أنَّها صلاةُ الليل.
والثالث: أَنَّها ركعتا الفجر.
/ والرابع: أَنَّها صلاة العشاء الآخرة، انتهى.
وقوله: بِحَمْدِ رَبِّكَ الباء للاقتران، أي: سبّح سبحة يكون معها حمد، وقَبْلَ
(١) ينظر: «أحكام القرآن» (٤/ ١٧٢٧) . [.....] (٢) أخرجه البخاري (٣/ ٤٨) كتاب «التهجد» باب: فضل من تعارّ من الليل فصلّى (١١٥٤) ، وأبو داود (٢/ ٧٣٤) ، كتاب «الأدب» باب: ما يقول الرجل إذا تعار من الليل (٥٠٦٠) ، وابن ماجه (٢/ ١٢٧٦) كتاب «الدعاء» باب: ما يدعو به إذا انتبه من الليل (٣٨٧٨) ، والترمذي (٥/ ٤٨٠) ، كتاب «الدعوات» باب: ما جاء في الدعاء إذا انتبه من الليل (٣٤١٤) ، وأحمد (٥/ ٣١٣) ، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٢١٥) كتاب «عمل اليوم والليلة» باب: ما يقول إذا انتبه من منامه (١٠٦٩٧/ ٩) ، وابن حبان (٦/ ٣٣١) كتاب «الصلاة» باب: فصل في قيام الليل (٢٥٩٦) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.