وقوله سبحانه: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ ... الآية، قال ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن جبير: الضميرُ في قوله: اسْتَقامُوا عائِدٌ عَلى القاسِطينَ، والمعنى: لوِ اسْتَقَامُوا على طريقةِ الإسْلاَمِ والحَقِّ لأَنْعَمْنَا عليهم «١» ، وهذا المعنى نحوُ قوله تعالى:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا ... [المائدة: ٦٥] الآية إلى قوله: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ والقَاسِطُ الظَّالِم، والماء الغَدَقُ هو الماءُ الكثيرُ، ولِنَفْتِنَهُمْ: معناه: لنختبرَهم، قال عمر بن الخطاب- رضي اللَّه عنه-: حيْثُ يكونُ الماءُ فَثَمَّ المالُ، وحَيْثُ المالُ فَثَمَّ الفِتْنَةُ «٢» ، ونَزَعَ بهذه الآية، وقال الحسن وجماعة من التابعين: كانتِ الصحابَةُ- رضي اللَّه عنهم- سَامِعينَ مُطِيعينَ فَلَمَّا فُتِحْتْ كُنُوزُ كِسْرَى وقَيْصَرَ على الناس، ثَارَتِ الفِتَن «٣» ، و «نسلكه» ندخله، وصَعَداً: معناه: شَاقًّا، وقال ابن عباس وأبو سعيد الخدري: صَعَداً جَبَلٌ في النارِ «٤» ، وأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ قيل:
أرادَ البيوتَ التي للعبادةِ والصلاةِ في كلِّ ملةٍ، وقال الحسن: أرادَ بها كلَّ موضِع يُسْجَدُ فيه إذ الأَرْضُ كلها جُعِلَتْ مَسْجِداً لهذه الأمة «٥» ، ورُوِيَ: أنّ هذه الآيةَ نَزَلَتْ بسبب تَغَلُّبِ قريشٍ عَلى الكعبةِ حينئذ، فقيل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: المواضعُ كلُّها لِلَّهِ فَاعْبُدْه حيثُ كنتَ، قال ع «٦» : والمسَاجِدُ المخصوصَةُ بَيِّنَةُ التَمَكُنِ في كونها لِلَّهِ تعالى، فيصلُحُ أنْ تُفْرَدَ للعبادةِ، وكلِّ مَا هُوَ خَالِصٌ لِلَّهِ تعالى، وأنْ لاَ يُتَحَدَّثَ بها في أمورِ الدنيا، ولا يُجْعَلُ فيها لغير الله نصيب.