يراد به الخصوصُ فيما لا يخافُ منها على النفْسِ، وكُتُبُ الفقْهِ محَلُّ استيعابِ الكلامِ على هذه المعانيِ.
قال ص: وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ، أيْ: ذاتُ قصاصٍ. انتهى.
وقوله سبحانه: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، المعنى: أنَّ من تصدَّق بجُرْحه أو دمِ وليه، وعفا، فإنَّ ذلك العَفْوَ كفَّارة لذنوبه يعظم اللَّه أجره بذلك، قال ابن عمر وغيره «١» ، وفي معناه حديثٌ مرويٌّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قلت: وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِشَيْءٍ فِي جَسَدِهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ إلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهِ خَطِيئَةً» ، رواه الترمذيُّ «٢» . انتهى.
وقيل: المعنى: فذلك العفو كفَّارة للجارحِ عن ذلك الذنْبِ كما أن القِصَاص كفَّارة، فكذلك العفو كفَّارة وأما أجر العافي، فعلى اللَّه تعالى قاله ابن عبَّاس وغيره «٣» .
وقيل: المعنى: إذَا جنى جانٍ، فجُهِلَ، وخَفِيَ أمره، فتصدَّق هذا الجاني بأن اعترفَ بذلك، ومكَّنَ من نفسه فذلك الفعل كفّارة لذنبه.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٦٠٠) وعزاه لعبد الله بن عمر، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢/ ١٩٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» بنحوه (٢/ ٥١١) ، وعزاه للديلمي عن ابن عمر. (٢) أخرجه الترمذي (٤/ ١٤- ١٥) ، كتاب «الديات» ، باب ما جاء في العفو، حديث (١٣٩٣) ، وابن ماجة (٢/ ٨٩٨) كتاب «الديات» ، باب العفو في القصاص، حديث (٢٦٩٣) كلاهما من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي السفر، عن أبي الدرداء به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا أعرف لأبي السفر سماعا من أبي الدرداء، وأبو السفر اسمه: سعيد بن أحمد ويقال: ابن محمد الثوري. (٣) أخرجه الطبري (٤/ ٦٠١، ٦٠٢) برقم (١٢٠٩١، ١٢١٠٣) ، وذكره ابن عطية (٢/ ١٩٨) ، والسيوطي (٢/ ٥١١) وعزاه للفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن ابن عباس.