وقوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ ... الآية مخاطبة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، واسْتُفْتِحَتْ بالاسْتِفْهَام تَعْجِيباً مِنَ القصَّةِ وتفخيماً لها، والخصم يوصف به الواحد والاثنان والجمع، وتَسَوَّرُوا معناه: عَلَوْا سُورَهُ، وهو جَمْعُ «سُورَةٍ» وهي القطعةُ من البناء، وَتَحْتَمِلُ هذه الآيةُ أن يكون المتسوّر اثنين فَقَطْ، فَعَبَّرَ عَنْهُما بلَفْظِ الجَمْعِ، ويحتملُ أن يكونَ معَ كلِّ واحدٍ منَ الخَصْمَيْنِ جَمَاعَةٌ، والْمِحْرابَ المَوْضِعُ الأرْفَعُ مِنَ القَصْرِ أو المَسْجِدِ، وهو موضع التعبُّد، وإنما فَزِعَ منهم مِنْ حَيْثُ دَخَلُوا من غير الباب، ودون استئذان، ولا خلافَ بَيْن أهلِ التأويلِ أنَّ هذا الخَصْمَ إنما كانوا ملائكةً بَعَثَهُمْ اللَّهُ ضَرْبَ مَثَلٍ لداودَ، فاختصموا إليه في نازلةٍ قَدْ وَقَعَ هُو في نَحْوِهَا، فأَفْتَاهُمْ بِفُتْيَا هِي وَاقِعَةٌ عليه في نازلته، ولَمَّا شَعَرَ وَفَهِمَ المُرَادَ، خَرَّ رَاكِعاً وأَنَابَ، واسْتَغْفَرَ، وأمَّا نَازِلَتُهُ الَّتي وَقَع فِيها، ففيها للقُصَّاصِ تَطْوِيلٌ، فَلَمْ نَرَ سَوْقَ جَمِيعِ ذلكَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥٧٠) عن ابن عبّاس برقم: (٢٩٨٥٢) ، وبرقم: (٢٩٨٥٣) عن السدي، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٥٢) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٩٨) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٥٦٤) ، وعزاه لابن أبي شيبة في «المصنف» ، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس. (٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٩٩) .