رأيتُ هذينِ فَلَمْ أصْبِرْ، ثم أخَذَ في خُطْبَتِهِ» «١» ، قال ع «٢» : وهذهِ ونحوُها هِي فتنةُ الفُضَلاَءِ، فأما فتنةُ الجُهَّالِ الفَسَقَةِ فَمُؤَدِّيَةٌ إلى كلِ فعلٍ مُهْلِكٍ، وفي «صَحِيحَي البخاري ومسلم» عن أبي ذرٍ قال: انتهيتُ إلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ يَقُول: «هم الأخْسَرُونَ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ، هُمُ الأخْسَرُونَ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ، قُلْتُ: مَا شَأْنِي أيرى فيَّ شَيْئاً؟ فَجَلَسْتُ وَهُوَ يَقُولُ فَمَا استطعت أنْ أسْكُتَ وتَغَشَّانيَ مَا شَاء اللَّهُ فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ بأبي أنتَ وأمي يا رسولِ اللَّهِ؟
قال: هُمُ الأكْثَرُونَ مَالاً إلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وهَكَذَا وَهَكَذَا» «٣» وفي رواية: «إن الأَكْثَرينَ هم الأقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلاَّ مَنْ قال بالمال، هكذا وهكذا، - وأشار ابن شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله-، وقليل ما هم» انتهى، واللفظ للبخاريّ.
وقوله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ تَقَدَّمَ الخلافُ هَلْ هذه الآيةُ نَاسِخَةٌ لقوله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: ١٠٢] أو ليست بناسخة، بل هي مبيّنة لها،
(١) أخرجه أبو داود (١/ ٣٥٨) ، كتاب «الصلاة» باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث (١١٠٩) ، والترمذي (٥/ ٦٥٩) ، كتاب «المناقب» باب: مناقب الحسن والحسين عليهما السلام (٣٧٧٤) ، والنسائي (٣/ ١٠٨) ، كتاب «الجمعة» باب: نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من خطبته وقطعه كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة (١٤١٣) ، (٣/ ١٩٢) ، كتاب «العيدين» باب: نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة (١٥٨٥) ، وابن ماجه (٢/ ١١٩٠) ، كتاب «اللباس» باب: لبس الأحمر للرجال (٣٦٠٠) ، وأحمد (٥/ ٣٥٤) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. (٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٢٠) . (٣) أخرجه البخاري (١١/ ٦٣) ، كتاب «الاستئذان» باب: من أجاب بلبيك وسعديك (٦٢٦٨) ، (١١/ ٥٣٣) ، كتاب «الأيمان والنذور، باب: كيف كان يمين النبي صلّى الله عليه وسلّم (٦٦٣٩) ، ومسلم (٢/ ٦٨٦) ، كتاب «الزكاة» باب: تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة (٣٠/ ٩٩٠) ، والترمذي (٣/ ٣) ، كتاب «الزكاة» باب: ما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منع الزكاة من التشديد (٦١٧) ، والنسائي (٥/ ١٠) ، كتاب «الزكاة» باب: التغليظ في حبس الزكاة (٢٤٤٠) ، وأحمد (٥/ ١٥٢، ١٥٨- ١٥٩) ، والبيهقي (٤/ ٩٧) ، كتاب «الزكاة» باب: جماع أبواب صدقة البقر السائمة، (١٠/ ٢٧) ، كتاب «الأيمان» باب: الحلف بالله عز وجل أو اسم من أسماء الله عز وجل، وابن خزيمة (٤/ ٩) ، كتاب «الزكاة» باب: صفات ألوان عذاب مانع الزكاة إلى يوم القيامة، قبل الفصل بين الخلق، نعوذ بالله من عذابه (٢٢٥١) ، والحميدي (١/ ٧٧) ، برقم: (١٤٠) ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٧/ ٣٦٤) . قال الترمذي: حديث حسن صحيح.