ت: ورُوِّينَا في «جامع الترمذيِّ» عن أبي أُمَامة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إلاَّ أُوتُوا الجَدَلَ، ثم تلا هذه الآية: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
» «١» قال أبو عيسى: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ، انتهى.
وقوله: وَجَعَلْناهُ مَثَلًا أي: عبرةً وآية لِبَنِي إِسْرائِيلَ والمعنى: لا تستغربوا أَنْ يُخْلَقَ عيسى مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ فَإنَّ القدرة تقتضي ذلك، وأكثر منه.
وقوله: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ معناه: لجعلنا بدلاً منكم، أي: لو شاء اللَّهُ لَجَعَلَ بَدَلاً من بني آدم ملائكةً يسكُنُونَ الأَرْضَ، ويخلفون بني آدم فيها، وقال ابن عباس ومجاهد: يخلف بعضهم بعضاً «٢» ، والضمير في قوله: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ قال ابن عَبَّاس وغيره:
الإشارة به إلى عيسى «٣» ، وقالت فرقة: إلى محمد، وقال قتادة وغيره: إلى القرآن «٤» .
ت: وَكَذَا نقل أبو حيَّان «٥» هذه الأقوالَ الثلاثة، ولو قيل: إنَّه ضميرُ الأمر والشَّأن استعظاماً واستهوالاً لأَمْرِ الآخِرَةِ ما بَعُدَ، بل هو المتبادَرُ إلى الذِّهْنِ، يَدُلُّ عليه:
فَلا تَمْتَرُنَّ بِها، واللَّه أعلم، وقرأ ابن عباس «٦» ، وجماعة:«لَعَلَمٌ» - بفتح العين
(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٧٨- ٣٧٩) كتاب «تفسير القرآن» باب: ومن سورة الزخرف (٣٢٥٣) ، وابن ماجه (١/ ١٩) المقدمة: باب: (٧) (٤٨) ، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ١١٢) ، والطبراني في «الكبير» (٨/ ٣٣٣) (٨٠٦٧) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، إنما نعرفه من حديث حجاج بن دينار، وحجاج ثقة مقارب الحديث، وأبو غالب اسمه: حزوّر. اهـ. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. قال الذهبي: صحيح. (٢) أخرجه البخاري (٨/ ٤٢٨) كتاب «التفسير» باب: سورة الزخرف، معلقا وهو موصول عند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، والطبري (١١/ ٢٠٤) (٣٠٩٤٤) عن ابن عبّاس، (٣٠٩٤٧) عن قتادة، وابن عطية (٥/ ٦١) . (٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٦١) . (٤) أخرجه الطبري (١١/ ٢٠٥) برقم: (٣٠٩٦١) عن قتادة، والحسن، وذكره ابن عطية (٥/ ٦١) . (٥) ينظر: «البحر المحيط» (٨/ ٢٦) . (٦) وقرأ بها أبو هريرة، وقتادة، والضحاك، ومجاهد، وأبو نضرة، ومالك بن دينار. ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (١٣٦) ، و «الكشاف» (٤/ ٢٦١) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٦١) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٢٦) ، و «الدر المصون» (٦/ ١٠٦) .