وقرأ جمهور الناس: و «يَتُوبُ»«١» - بالرفع-، على القطْع مما قبله، والمعنَى أن الآية استأنفت الخبر بأنه قد يَتُوبُ على بعض هؤلاء الكَفَرة الذين أَمَرَ بقتالهم.
وعبارةُ ص: و «يَتُوب» ، الجمهورُ بالرّفْعِ على الاستئناف، وليس بداخلٍ في جوابِ الأمر لأن توبته سبحانه على مَنْ يشاء لَيْسَتْ جزاءً على قتال الكُفَّار. انتهى.
١٤٢] ومعنى الآية: أظننتم أن تتركوا دون اختبار وامتحانٍ، والمراد بقوله: وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ، أي: لم يعلم اللَّه ذلك موْجُوداً كما عَلِمَهُ أَزلاً بشرط الوجود، وليس يَحْدُثُ له علم تبارك وتعالى عن ذلك، ووَلِيجَةً: معناه: بِطَانَة ودَخِيلة، وهو مأخوذ من الوُلُوج، فالمعنى: أَمْراً باطناً مما يُنْكَر، وفي الآيةِ طَعْنٌ على المنافقين الذين اتخذوا الوَلاَئِجَ، قال الفَخْر «٢» : قال أبو عُبَيْدَة: كلّ شيءٍ أدخلْتَه في شيءٍ ليس منه، فهو وَلِيجةٌ، وأصله من الوُلُوج، قال الواحديُّ يقال: هو وَلِيجَةٌ، للواحدِ والجمع. انتهى.
وقوله سبحانه: مَا كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ، إِلى قوله: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ... الآية، لفظ هذه الآية الخَبَرُ، وفي ضمنها أمر المُؤمنين بِعَمارة المساجد، وروي أبو سعيدٍ الخدريّ أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:«إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسَاجِدَ، فاشهدوا له بالإيمان»«٣» .
(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٤) ، و «البحر المحيط» (٥/ ١٩) ، و «الدر المصون» (٣/ ٤٥٢) . (٢) ينظر: «تفسير الرازي» (١٦/ ٦) . (٣) أخرجه الترمذي (٥/ ١٢) كتاب «الإيمان» باب: ما جاء في حرمة الصلاة، حديث (٢٦١٧) ، وفي (٥/ ٢٧٧) كتاب «التفسير» باب: «ومن سورة التوبة» ، حديث (٣٠٩٣) ، وابن ماجه (١/ ٢٦٣) كتاب «المساجد» باب: لزوم المساجد وانتظار الصلاة، حديث: (٨٠٢) ، وأحمد (٣/ ٦٨) ، والدارمي (١/ ٢٧٨) كتاب «الصلاة» باب: المحافظة على الصلوات، وابن خزيمة (٢/ ٣٧٩) رقم: (١٥٠٢) ، وابن حبان (١٧٢١) ، والحاكم (٢/ ٣٣٢) ، والبيهقي (٣/ ٦٦) كتاب «الصلاة» باب: فضل المساجد،