ثم قال: أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ يعني: أو عِلْمٍ يؤْثَرُ، أي: يروى ويُنْقَلُ، وإنْ لم يكن مكتوباً، انتهى.
وقوله: أَوْ أَثارَةٍ معناه: أو بَقِيَّةٍ قديمةٍ من عِلْمِ أحد العلماءِ، تقتضي عبادة الأصنام، و «الأثارة» البَقِيَّةُ من الشيء، وقال الحسنُ: المعنى: من عِلْمٍ تستَخْرِجُونَهُ فتثيرونه «١» ، وقال مجاهدٌ: المعنى: هل مِنْ أَحَدٍ يأثر علماً في ذلك «٢» ، وقال القرطبيُّ: هو الإسناد ومنه/ قول الأعشى: من [السريع]
أي: وللمُسْنِدِ عن غيره، وقال ابن عباس «٤» : الأثارة: الخَطُّ في التراب، وذلك شيْءٌ كانَتِ العَرَبُ تفعله، والضمير في قوله: وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ هو للأصنام في قول جماعة، ويحتمل أن يكون لعبدتها.
وقوله سبحانه: وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَصْفُ ما يكون يومَ القيامةِ بَيْنَ الكُفَّار وأصنامهم من التَّبَرِّي والمُنَاكَرَةِ، وقد بُيِّنَ ذلك في غير هذه الآية.
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا أي: آيات القرآن، قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ يعني: القرآن هذا سِحْرٌ مُبِينٌ أي: يُفَرِّقُ بين المرءِ وَبَنِيهِ.
(١) أخرجه الطبري (١١/ ٧٧٢) برقم: (٣١٢٢٨) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٥/ ٩٢) ، وابن كثير (٤/ ١٥٤) . (٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٩٢) . (٣) البيت في «ديوانه» (٩٢) ، «اللسان» (أثر) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٩٢) ، والآثر: الذي يحفظ الأثر، أي: الرواية. (٤) أخرجه الطبري (١١/ ٢٧٢) برقم: (٣١٢٢٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٩٢) ، وابن كثير (٤/ ١٥٤) ، والسيوطي (٦/ ٤) ، وعزاه إلى ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، والفريابي، وعبد بن حميد.