وقوله سبحانه: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ: المعنى: أَنَّ اللَّه خَيَّر نبيَّه في هذا، فكأنه قال له: إِن شئْتَ فاستغفر لهم، وإِن شئت لا تستغفر، ثم أعلمه أنَّه لا يغفِرُ لهم، وإِن استغفر سبعين مرَّةً، وهذا هو الصحيحُ في تأويل الآية، لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعمر:«إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَيَّرَنِي فاخترت، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنِّي إِذَا زِدتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُمْ لَزِدْتُ ... »«٢»
الحديث، وظاهرُ لفْظِ الحديثِ رفْضُ إلزام دليل الخطاب، وظاهر صلاته صلّى الله عليه وسلّم عَلَى ابن أُبَيٍّ أَنَّ كُفْره لم يكنْ يقيناً عنده، ومحالٌ أَنْ يُصلِّيَ على كافرٍ، ولكنه راعى ظواهره من الإقرار
(١) أخرجه مسلم (٢/ ٧٠٤- ٧٠٥) كتاب «الزكاة» باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار، حديث (٦٩/ ١٠١٧) ، والنسائي (٥/ ٧٥) كتاب «الزكاة» باب: التحريض على الصدقة، حديث (٢٥٥٤) من حديث جرير. (٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦/ ٤٣٥) برقم: (١٧٠٤٥) عن ابن عباس. وأخرجه عن مجاهد أيضا (٦/ ٤٣٤) برقم: (١٧٠٤٠، ١٧٠٤٣) بنحو حديث ابن عباس. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٤٧٢) وعزاه إلى ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر.