وقوله تعالى: / كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ... الآيات: قال ابنُ عَبَّاس: نَزَلَتْ هذه الآياتُ من قوله: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ في الحارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ الأنْصَارِيِّ، كان مُسْلِماً، ثم ارتد وَلحِقَ بالشرك، ثم نَدِمَ، فأرْسَلَ إلى قومه أن سلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فنزلَتِ الآياتُ إلى قوله: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا، فأرسلَ إلَيْهِ قومُهُ، فأسْلَمَ «١» ، قال مجاهدٌ: وحَسُنَ إسْلاَمُهُ «٢» ، وقال ابنُ عَبَّاسٍ أيضًا والحَسَنُ بْنُ أبي الحَسَنِ: نَزلَتْ في اليهود والنّصارى، شهدوا ببعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وآمنوا به، فلَمَّا جاء من العَرَب، حَسَدُوه، وكَفَرُوا «٣» به، ورجَّحه الطبري «٤» .
وقال النقِّاش: نزلَتْ في طُعَيْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ «٥» .
قال ع «٦» : وكُلُّ مَنْ ذُكِرَ، فألفاظ الآيةِ تعمُّه.
وقوله تعالى: كَيْفَ: سؤالٌ عن حال لكنَّه سؤال توقيفٍ على جهة الاستبعادِ للأمْر، فالمعنى أنهم لشدَّة هذه الجرائِمِ يبعد أنْ يهديَهُم اللَّه جميعًا، وباقي الآيةِ بيِّن.
قال الفَخْر «٧» : واستعظم تعالى كُفْرَ هؤلاء المرتدِّين بَعْدَ حصولِ هذه الخِصَالِ الثَّلاث لأن مثل هذا الكُفْر يكونُ كالمعانَدَة والجُحُود وهذا يدلُّ على أنَّ زَلَّة العالِمِ أقبح من زلّة الجاهل. اهـ.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢/ ٣٣٨) برقم (٧٣٥٨) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٤٦٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٨٧) ، وعزاه للنسائي، وابن حبان، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «سننه» ، من طريق عكرمة. (٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٤٦٨) . (٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٨٨) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وعن الحسن، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر. (٤) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٣٢٠) . (٥) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٤٦٨) . (٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤٦٨) . (٧) ينظر: «مفاتيح الغيب» (٨/ ١١٢) .