وقوله تعالى: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ يحتملُ أن يريد: خَيْرٌ مِمَّا هؤلاءِ فيه، من التقلُّب والتنعُّم، ويحتمل أنْ يريد: خَيْرٌ ممَّا هم فيه في الدّنيا، وفي الحديث عنه صلّى الله عليه وسلّم:
«الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ/، وَجَنَّةُ الكَافِرِ»«١» قال القاضِي ابْنُ الطَّيِّب: هذا بالإضافة إلى ما يصير إلَيْه كلُّ واحد منْهما في الآخرةِ، وقيل: المعنى أنها سِجْنُ المؤمن لأنها موضعُ تَعَبِهِ في الطاعة.
وقوله تعالى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ، قال جابر بن عبد اللَّه وغيره: هذه الآيةُ نَزَلَتْ بسبب أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ سُلْطَانِ الحبشة، آمن باللَّه، وبمحمَّد- عليه السلام-، وأصحمة «٢» : تفسيره بالعربيّة:
(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢٢٧٢) ، كتاب «الزهد» ، باب (١/ ٢٩٥٦) ، والترمذي (٤/ ٤٨٦) كتاب «الزهد» ، باب ما جاء أن الدنيا سجن المؤمن، حديث (٢٣٢٤) ، وابن ماجة (٢/ ١٣٧٨) ، كتاب «الزهد» ، باب مثل الدنيا، حديث (٤١١٣) ، وأحمد (٢/ ٣٢٣، ٣٨٩، ٤٨٥) ، وفي «الزهد» (ص ٣٧) ، وابن حبان (٦٨٧، ٦٨٨) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٣٥٠) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» (١٤٢) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧/ ٣٢٥- بتحقيقنا) كلهم من طريق العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمن عن أبِيهِ عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وللحديث شواهد من حديث ابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وسلمان: حديث ابن عمر: أخرجه البزار (٣٦٥٤- كشف) ، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٣٤٠) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» رقم (١٤٣) ، والبيهقي في «الزهد الكبير» (٤٤٩، ٤٥٨) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٦/ ٤٠١) عن ابن عمر: والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٢٩٢) وقال: رواه البزار بسندين أحدهما ضعيف، والآخر فيه جماعة لم أعرفهم. حديث عبد الله بن عمرو: أخرجه أحمد (٥/ ٦٨) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» رقم (١٤٤) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ١٧٧، ١٨٥) ، وابن المبارك في «الزهد» (٥٩٨) ، والحاكم (٤/ ٣١٥) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧/ ٣٢٦- بتحقيقنا) . (٢) أخرجه الطبري (٣/ ٥٥٩) برقم (٨٣٧٦) ، وعبد الرزاق في «تفسيره» (١/ ١٤٤) عن قتادة، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٤٤٤) ، والبغوي في «تفسيره» (١/ ٣٨٨) عن ابن عباس، وجابر، وأنس، وقتادة، وذكره ابن عطية (١/ ٥٥٩) ، وذكره السيوطي في «الدر» (٢/ ٢٠٠) عن جابر وغيره.