لترتيب الإخْبَارِ لا لترتِيبِ الوُجُودِ «٢» ، وقيل: قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ: هو أخذ الذريةَ مِن ظهر آدم، وذلك شيءٌ كان قبل خلق حَوَّاءَ، ت: وهذا يحتاج إلى سندٍ قاطعٍ.
وقوله سبحانه: فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ قالت فرقة: الأولى هي ظَهْرُ الأَبِ، ثم رَحِمُ الأمِّ، ثم المَشِيمَةُ في البَطْن، وقال مجاهد وغيره: هي المَشِيمَةُ والرَّحِمُ والبَطْنُ «٣» ، وهذه الآياتُ كلُّها فيها عِبَرٌ وتنبيهٌ على تَوْحِيدِ الخالِق الذَّي لاَ يَسْتَحِقُّ العبادةَ غَيْرُهُ وتوهينٌ لأمْرِ الأصنام.
وقوله سبحانه: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ... الآية، قال ابن عبّاس: هذه
(١) من هنا انتقلنا بالترقيم من على المخطوط من النسخة (د) . (٢) في (ثمّ) هذه أوجه: «أحدها» : أنها على بابها من الترتيب بمهلة، وذلك أنه يروى أنه تعالى أخرجنا من ظهر آدم كالذّر ثم خلق حوّاء بعد ذلك بزمان. «الثاني» : أنها على بابها أيضا، ولكن لمدرك آخر وهو أن يعطف بها ما بعدها على ما فهم من الصفة في قوله «واحدة» إذ التقدير من نفس وحدت أي: انفردت ثم جعل منها زوجها. «الثالث» : إنها للترتيب في الإخبار لا في الزمان الوجودي كأنه قيل: كان من أمرها قبل ذلك أن جعل منها زوجها. ينظر: «الدر المصون» (٦/ ٥- ٦) . (٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٦١٥) برقم: (٣٠٠٦٩) عن عكرمة، و (٣٠٠٧١) عن ابن عبّاس، و (٣٠٠٧٢) عن مجاهد، وبرقم: (٣٠٠٧٣) عن قتادة، وبرقم: (٣٠٠٧٤) عن السدي، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٧٢) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٢٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٠٣) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة، ولعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد.