قال ع «١» : وفي هذا الكلام تحامُلٌ، والذي يشبه أنْ يقال: إِنه حيثُ ما ذُكِرَ الخير، فإِنَّ المَالَ يدْخُل فيه.
ت: وهذا أيضاً غير ملخَّص، والصواب: أَنَّ الخيرَ أَعمُّ من ذلك كلِّه، وانظر قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [الزلزلة: ٧] فإِنه يشملُ المال وغيرَهُ، ونحْوُه: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: ٧٧] ، وانظر قوله عليه السلام:«اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَةِ»«٢» ، وقَوْلُهُ تعالَى: إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور: ٣٣] ، فههنا لا مدْخَل للمالِ إِلا علَى تجوُّز، وقد يكون الخير المرادُ به المَالُ فَقَطْ وذلك بحَسَب القرائن، كقوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً ... الآية [البقرة: ١٨٠] .
وقوله: اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ: تسليمٌ للَّه تعالَى، وقال بعضُ المتأوِّلين: هي ردٌّ على قولهم: اتبعك أراذِلُنا في ظاهر أمرِهم حَسَبَ ما تقدَّمَ في بعض التأويلات، ثم قال: إِنِّي إِذاً لو فعلت ذلك، لَمِنَ الظَّالِمِينَ، وقولهم: قَدْ جادَلْتَنا: معناه: قد طال منْكَ هذا الجِدَالُ، والمرادُ بقولهم: بِما تَعِدُنا العذابَ والهلاكَ، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ، أي: بمفلتين.
وقوله سبحانه: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ... الآية: قال الطبريُّ «٣» وغيرُه: هذه الآيةُ اعترضت في قِصَّة نوح، وهي في شأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع قُرَيْشٍ.
قال ع «٤» : ولو صحَّ هذا بسندٍ، لوجب الوقوفُ عنده، وإِلا فهو يَحْتملُ أن
(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٦٦) . (٢) أخرجه البخاري (١/ ٦٢٤) كتاب «الصلاة» باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، حديث (٤٢٨) ، ومسلم (٣/ ١٤٣١) كتاب «الجهاد» باب: غزوة الأحزاب، حديث (١٢٧/ ١٨٠٥) من حديث أنس بن مالك. (٣) ينظر: «تفسير الطبري» (٧/ ٣٣) . (٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٦٧) .