قال عروة بن الزُّبَيْر وغيره: لما عَنَّفَ المسلمون عبْدَ اللَّه بن جَحْشٍ وأصحابه، شَقَّ ذلك عليهم، فتلافاهم الله عز وجل بهذه الآية، ثم هي باقيةٌ في كلِّ من فعل ما ذكره اللَّه عزَّ وجلَّ «١» .
وهَاجَرَ الرجُلُ، إِذا انتقل نقلة إِقامة من موضعٍ إِلى موضعٍ، وقصد ترك الأول إِيثاراً للثاني، وهي مُفَاعَلَةٌ من هَجَرَ، وجَاهَدَ مفاعلة من جهد، إذا استخرج الجهد، ويَرْجُونَ: معناه يَطْمَعُون ويستقْربُون، والرجاء تنعُّم، والرجاء أبداً معه خوفٌ ولا بدَّ، كما أن الخوف معه رجاء.
- واستدلوا ثالثا: بأن المرتد بردته تنتقل أمواله عنه، فلا بد أن تنقل إلى ورثته المسلمين، كما لو انتقلت بالموت، خصوصا وقد جاء نص المواريث عاما لأن ظاهر قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء: ١١] يقتضي توريث المسلم من المرتد إذ لم يفرق بين الميت المسلم وبين المرتد. ونوقش: بأن العموم في آية المواريث قد خص بحديث أسامة بن زيد: «لا يرث المسلم من الكافر» كما خص توريث الكافر من المسلم، وهو وإن كان من أخبار الآحاد إلا أن الأمة تلقته بالقبول، واستعملته في منع توريث الكافر من المسلم، فصار في حيز المتواتر لأن آية المواريث خاصة بالاتفاق. وأخبار الآحاد مقبولة في تخصيص مثلها. وأجيب: بأن حديث أسامة المراد به إسقاط التوارث بين أهل الملتين، وليست الردة بملة قائمة لأنه غير مقرّ عليها. وليس محكوما عليه بحكم الملة التي انتقل إليها، فلم يتناول الحديث محل النزاع. ينظر: «أثر الاختلاف في الأحكام» لشيخنا «بدران أبو العينين» ، «تفسير الجصاص» (٢/ ١٢٧) ، «مغني» ابن قدامة (٧/ ١٧٤) ، «المنتقى» على الموطأ (٦/ ٢٥٠) ، «الأم» للشافعي (٤/ ٣) ، «المحلى» لابن حزم (٩/ ٣٠٨) . (١) أخرجه الطبري (٢/ ٣٦٩) برقم (٤١٠٦) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٩١) . (٢) البيت بلا نسبة في «الأزهيّة» (ص ١٦٥) و «الدرر» (٦/ ١٦٨) و «شرح قطر الندى» (ص ٢١٠) -