وقوله سبحانه: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ... الآية، نزلت هذه الآيةُ في المتبارزين يوم بدر، وهم سِتَّةُ نفر: حَمْزَةُ، وعَلِيٌّ، وعبيدة بن الحارث (رضي الله عنهم) بَرَزُوا لعتبةَ بنِ ربيعة، والوليد بن عتبة، وشيبة بن ربيعة، قال علي بن أبي طالب: أنا أَوَّلُ مَنْ يجثو يوم القيامة للخصومة بين يدي الله تعالى، وأقسم أَبو ذَرٍّ «١» على هذا القولِ ووقع في «صحيح البخاريِّ»(رحمه الله تعالى) : أَنَّ الآيةَ فِيهم، وقال ابن عباس: الإِشارة إلى المؤمنين وأَهْلِ الكتاب «٢» وذلك أَنَّهُ وقع بينهم تخاصم، فقالتِ اليهودُ: نحن أقدمُ دِيناً منكُم، ونحو هذا فنزلت الآية، وقال مجاهد وجماعة «٣» : الإِشارة إلى المؤمنين والكُفَّارِ على العموم.
قال ع «٤» : وهذا قولَ تَعْضُدُهُ الآية وذلك أنه تَقَدَّمَ قولُه: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ المعنى: هم مؤمنون ساجدون، ثم قال تعالى: وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ/، ثم أشار ٢٣ أإلى هذين الصنفين بقوله: هذانِ خَصْمانِ والمعنى: أَن الإيمانَ وأهله، والكفرَ وأهله- خصمان مذ كانا إلى يوم القيامة بالعداوة والجدال والحرب، وخصم مصدر يُوصَفُ به الواحد والجمع، ويَدُلُّ على أَنه أراد الجمع قوله: اخْتَصَمُوا فإنه قراءة الجمهور «٥» وقرأ ابن أبي «٦» عبلة: «اختصما» .
(١) أخرجه البخاري (٨/ ٢٩٧) كتاب «التفسير» : باب هذانِ خَصْمانِ حديث (٤٧٤٣) و «مسلم» (٤/ ٢٣٢٣) كتاب «التفسير» : باب قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ حديث (٣٤/ ٣٠٣٣) . [.....] (٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ١٢٤) برقم (٢٤٩٨٤) ، وذكره البغوي (٣/ ٢٨٠) ، وابن عطية (٤/ ١١٣، ١١٤) ، وابن كثير (٣/ ٢١٢) ، والسيوطي (٤/ ٦٢٨) ، وعزاه لابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس. (٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ١٢٤) برقم (٢٤٩٨٥) ، وذكره البغوي (٣/ ٢٨٠) ، وابن عطية (٤/ ١١٤) ، وابن كثير (٣/ ٢١٢) ، والسيوطي (٤/ ٦٢٨) ، وعزاه لابن جرير عن مجاهد، وعطاء بن أبي رباح والحسن. (٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١١٤) . (٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١١٤) . (٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١١٤) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٣٣٤) ، و «الدر المصون» (٥/ ١٣٤) .