وقوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا ... الآية: اختلف من المأمور بالبَعْثَةِ. فقيل: الحُكَّام «١» ، وقيل: المُخَاطَب الزَّوْجَانِ، وإِليهما تقديمُ الحَكَمَيْنِ، وهذا في مَذْهب مالك، والأول لربيعةَ وغيره، ولا يُبْعَثُ الحَكَمَانِ إِلاَّ مع شدَّة الخوْفِ والشِّقَاقِ، ومذهبُ مالك وجمهورِ العُلَمَاءِ: أنَّ الحَكَمَيْن يَنْظُران في كلِّ شيء، ويحملان على الظَّالم، ويُمْضِيَان ما رَأَياه مِنْ بقاء أو فراقٍ، وهو قولُ عليَّ بنِ أبي طالب في «المدوَّنة» وغيرها «٢» .
وقوله: إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً، قال مجاهد وغيره: المرادُ الحَكَمَانِ، أي: إِذا نَصَحَا وقَصَدَا الخَيْرَ، بُورِكَ في وَسَاطتهما «٣» ، وقالتْ فرقةٌ: المرادُ الزَّوْجَان، والأول أظهرُ، وكذلك الضميرُ في بَيْنِهِما، يحتمل الأمرين، والأظهر أنه للزّوجين، والاتصاف بعليم خبير: يناسب ما ذكر من إرادة الإصلاح.
التذلُّل بالطَّاعة، وإِحساناً، مصدرٌ، والعاملُ فيه فِعلٌ، تقديره: وأحْسِنُوا بالوالدين إِحساناً، وَبِذِي القُرْبَى: هو القريبُ النَّسَبِ مِنْ قِبَلِ الأبِ والأُمِّ، قال ابنُ عبَّاس وغيره: والجَارُ ذو القربَى: هو القريبُ النَّسَبِ، والجَارُ الجُنُبِ: هو الجَارُ الأجنبيُّ «٤» ، وقالَتْ فرقة: الجَارُ ذو
(١) في أ: الحاكم. (٢) أخرجه الطبري (٤/ ٧٤) برقم (٩٤٠٨- ٩٤٠٩) ، وذكره البغوي (١/ ٤٢٤) بنحوه، وابن عطية (٢/ ٤٩) ، والسيوطي (٢/ ٢٧٩) ، وعزاه للشافعي في «الأم» ، وعبد الرزاق في «المصنف» ، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «سننه» ، عن عبيدة السلماني. (٣) أخرجه الطبري (٤/ ٧٩) برقم (٩٤٣١) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٩) ، والسيوطي (٢/ ٢٨٠) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد. [.....] (٤) أخرجه الطبري (٤/ ٨٠- ٨٢) برقم (٩٤٣٨: ٩٤٤٩) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٥٠) ، وابن كثير (١/ ٤٩٤) ، والسيوطي (٢/ ٢٨٢) بنحوه، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «شعب الإيمان» من طرق، عن ابن عباس.