وقوله سبحانه: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً رُوي: أَن فرعون أَخَافَ بني إِسرائيل، وهدَّم لهم مواضعَ كانوا اتخذوها للصلاة، ونَحْو هذا، فأوحَى اللَّه إِلَى موسَى وهارون، أنْ تَبَّوءا أي: اتخذا وتَخَيَّرا لبني إِسرائيل بمصْر بيوتاً، قال مجاهد: مِصْر في هذه الآية: الإِسْكَنْدَرِيَّة «١» ، ومصْرُ ما بين أَسْوَان «٢» والإِسكندرية «٣» .
وقوله سبحانه: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً: قيل: معناه: مساجدُ، قاله ابنُ عباس وجماعة «٤» ، قالوا: خافوا، فأُمِرُوا بالصَّلاة في بيوتهم، وقيل: معناه مُوجَّهة إِلى القبلة قاله ابن عباس «٥» ، ومن هذا حديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنه قَالَ:«خَيْرُ بُيُوتِكُمْ مَا استقبل بِهِ القِبْلة»«٦» .
وقوله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ: خطابٌ لبني إِسرائيل، وهذا قبل نزول التوراة لأَنها لم تَنْزِلْ إِلا بعد إِجازة البَحْر.
وقوله: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ: أَمرٌ لموسَى عليه السلام، وقال الطبريُّ ومكيٌّ: هو أَمرٌ لنبينا محمَّد عليه السلام، وهذا غير متمكِّن.
(١) أخرجه الطبري (٦/ ٥٩٧) برقم: (١٧٨٢٩) نحوه، وذكره ابن عطية (٣/ ١٣٨) ، والبغوي في «تفسيره» (٢/ ٣٦٥) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٤٢٨) نحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٦٦) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وابن المنذر. (٢) بالضم، ثم السكون، وواو وألف ونون. ويقال: بغير همزة: مدينة كبيرة، وكورة في آخر الصعيد. وأول بلاد النّوبة، على النيل في شرقيّة، في جبالها مقطع العمد التي بالإسكندرية، ينظر: «مراصد الاطلاع» (١/ ٧٨) . (٣) بنى الإسكندر ثلاث عشرة مدينة وسمّاها كلّها باسمه، ثم تغيرت أساميها بعده، والمشهور بهذا الاسم الاسكندرية العظمى في بلاد مصر. ينظر: «مراصد الاطلاع» (١/ ٧٦) . (٤) أخرجه الطبري (٦/ ٥٩٦) برقم: (١٧٨٠٨- ١٧٨٠٩- ١٧٨١٠) ، وذكره ابن عطية (٦/ ١٣٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٦٦) ، وزاد نسبته إلى الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه. (٥) أخرجه الطبري (٦/ ٥٩٧) برقم: (١٧٨٢٤) نحوه، وذكره ابن عطية (٣/ ١٣٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٦٦) بنحوه، وزاد نسبته إلى ابن مردويه. (٦) تقدم تخريجه بلفظ: خير مجالسكم ما استقبل به القبلة. [.....]