قالتْ بنو إِسرائيل: سَمِعْنا وَعَصَيْنا [البقرة: ٩٣] فأعقبهم ضدَّ ذلك، وهذه ثمرة العصيان، أعاذنا اللَّه من نقمه.
وآمَنَ معناه: صدّق، والرسول: محمّد صلّى الله عليه وسلم، وبِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ: القُرآن، وسائرُ ما أوحى اللَّه إليه من حملة ذلك، وكُلُّ لفظة تصلح للإِحاطة، وهي كذلك هُنَا، والإِيمانُ باللَّه: هو التصديقُ به، أي: بوجودِهِ وصفاتِهِ، ورفْضُ كلِّ معبود سواه، والإِيمان بملائكته:
هو اعتقادُهم أنهم عبادُ لِلَّهِ مكْرَمُون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يُؤْمَرون، والإِيمان بكتبه: هو التصديقُ بكلِّ ما أَنْزَلَ سبحانه على أنبيائه.
ومعنى هذه الآية: أن المؤمنين ليسوا كاليَهُودِ والنصارى في أنَّهم يؤمنون ببَعْضٍ، ويكفرون ببعض.
وقوله تعالى: وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا: مدح يقتضي الحضَّ على هذه المقالة، وأنْ يكون المؤمنُ يمتثلُها غابر الدّهر، والطاعة: قبول الأوامر، وغُفْرانَكَ: مصدرٌ، والعاملُ فيه فَعْلٌ، تقديره: نَطْلُبُ أوْ نَسْأَلُ غُفْرَانَكَ.
ت: وزاد أبو حَيَّان «٢» ، قال: وجوَّز بعضُهم الرفْعَ فيه، على أنْ يكون مبتدأً، أيْ: غفرانُكَ بُغْيَتُنَا. اهـ.
وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ: إِقرار بالبعثِ، والوقوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ سبحانه، وروي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم، لما أنزلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَجَّلَ الثَّنَاءَ عَلَيْكَ، وعلى أُمَّتِكَ، فَسَلْ تُعْطَهْ، فَسَأَلَ إلى آخر السّورة «٣» .
(١) وروي عن أبي عمرو «يفرق» كما في «الكشاف» (١/ ٣٣١) ، ورويت عن سعيد بن جبير ويحيى بن يعمر، وأبي زرعة بن عمر بن جرير، ويعقوب كما في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٩٢) . وقرأ عبد الله «يفرقون» ، ينظر: «الكشاف» (١/ ٣٣١) ، و «المحرر الوجيز» (١/ ٣٩٢) ، و «البحر المحيط» (٢/ ٣٧٩- ٣٨٠) ، و «الدر المصون» (١/ ٦٩٤) . (٢) ينظر: «البحر المحيط» (٢/ ٣٨٠) . (٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦٥٠١) ، وابن أبي شيبة (١١/ ٥٠١) رقم (١١٨٢٤) ، وسعد بن منصور (٤٧٨) عن حكيم بن جابر به، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٦٦٥) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، والحديث مرسل.