وقوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ... الآية: خطابٌ للرجالِ، نُهِي الرجُلُ أن يطول العدَّة، مضارَّةً لها بأن يرتجع قرب انقضائها، ثم يطلِّق بعد ذلك قاله الضَّحَّاك وغيره «١» ، ولا خلاف فيه.
ومعنى: فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: قاربْنَ لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإِمساك، ومعنى: أمسكوهنَّ راجِعُوهنَّ- وبِمَعْرُوفٍ: قِيلَ: هو الإِشهاد «٢» - وَلا تُمْسِكُوهُنَّ، أي: لا تراجعوهنَّ ضِراراً، وباقي الآية بَيِّنٌ.
وقوله تعالى: وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً ... الآية: المرادُ بآياته النازلَةُ في الأوامر والنَّواهِي، وقال الحسن: نزلَتْ هذه الآية فيمَنْ طَلَّق لاعباً أو هازئاً، أو راجَعَ كذلك «٣» .
وقالتْ عائشةُ: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاَقُ، وَالرَّجْعَةُ»«٤» .
ثم ذَكَّرَ اللَّه عباده بإِنعامه سبحانه عليهم بالقرآن، والسّنّة، وَالْحِكْمَةِ: هي السُّنَّة المبينة مرادَ اللَّه سبحانه.
وقوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ ... الآية: خطابٌ للمؤمنين الذين منْهم الأزواج، ومنهم الأولياءُ لأنهم المراد في تَعْضُلُوهنَّ، وبلوغ الأجلِ في هذا الموضِعِ تناهِيهِ لأن المعنى يقتضي ذلكَ.
وقد قال بعضُ النَّاسِ في هذا المعنى: إِن المراد ب تَعْضُلُوهُنَّ: الأزواجُ وذلك ٥٨ أبأن يكون الاِرتجاعُ مضارَّة عضْلاً/ عن نكاحِ الغَيْر، فقوله: أَزْواجَهُنَّ على هذا، يعني به: الرجالَ إِذ منهم الأزواج، وعلى أن المراد ب تَعْضُلُوهُنَّ الأولياء، فالأزواج
(١) أخرجه الطبري (٢/ ٤٩٤) برقم (٤٩٢٢) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٩) . (٢) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٩) ، والبغوي في (١/ ٢١٠) . (٣) أخرجه الطبري (٢/ ٤٩٦) برقم (٤٩٢٦) ، وذكره ابن عطية (١/ ٣١٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٢٣١) ، وعزاه لابن أبي شيبة في «المصنف» ، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن. (٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٥٩) ، كتاب «الطلاق» ، باب في الطلاق (٢١٩٤) ، والترمذي (٣/ ٤٩٠) ، كتاب «الطلاق» ، باب ما جاء في الحد (١١٨٤) ، وابن ماجة (١/ ٦٥٨) ، كتاب «الطلاق» ، باب من طلق أو نكح (٢٠٣٩) ، والدارقطني (٤/ ١٨- ١٩) ، كتاب «الطلاق» ، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ١٩٧- ١٩٨) ، كتاب «الطلاق» ، باب ثلاث جدهن جد.