قال ابن العربيِّ في «أحكامه»«١» : وإِذا وقع أداء الزكاة، ثم نزلَتْ بعد ذلك حاجةٌ، فإِنه يجبُ صرف المال إِليها باتفاق من العلماءِ، وقد قال مالك: يجبُ على كافَّة المسلمين فِدَاءُ أسراهم، وإن استغرق ذلك أموالَهُمْ، وكذلك إِذا منع الوالي الزكاةَ، فهل يجبُ على الأغنياء إِغناءُ الفقراء؟ الصحيحُ: وجوبُ ذلك علَيْهم. انتهى.
ومعنى: آتَى: أعطى على حبِّه، أي: على حبِّ المال، ويحتملُ أن يعود الضميرُ على اسْمِ اللَّه تعالى من قوله: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، أي: من تَصَدَّقَ مَحَبَّة في اللَّه وطاعته.
ص: والظاهر أن الضمير في «حُبِّهِ» عائدٌ على «المال» لأن قاعدتهم أن الضمير لا يعود على غير الأقرب إِلاَّ بدليلٍ. انتهى.
قال ع «٢» : والمعنَى المقصودُ أن يتصدَّق المرءُ في هذه الوجوهِ، وهو صحيحٌ شحيحٌ يخشَى الفَقْر، ويأمل الغنى كما قال صلّى الله عليه وسلم «٣» . والشحّ في هذا الحديث: هو
- الكبير» (١/ ٢٥٩) رقم (٧٥١) ، من طريق محمد بن سعيد الأثرم، ثنا همام، ثنا ثابت، ثنا أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعانا، وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به» . والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (٨/ ١٧٠) ، وقال: رواه الطبراني، والبزار، وإسناد البزار حسن. والحديث ذكره أيضا المنذري في «الترغيب» (٣/ ٣٣٤) ، وقال: رواه الطبراني، والبزار، وإسناده حسن، وللحديث شاهد من حديث ابن عباس. أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (١١٠) ، وفي «التاريخ الكبير» (٥/ ١٩٥، ١٩٦) ، وأبو يعلى (٥/ ٩٢) رقم (٢٦٩٩) ، والحاكم (٤/ ١٦٧) ، والطبراني في «الكبير» (١٢/ ١٥٤) رقم (١٢٧٤١) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٠/ ٣٩٢) ، كلهم من طريق سفيان عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عبد الله بن المساور، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن الذي يشبع، وجاره جائع إلى جنبه» . والحديث ذكره المنذري في «الترغيب» (٣/ ٣٣٤) ، وقال: رواه الطبراني، وأبو يعلى ورواته ثقات. وقال الهيثمي في «المجمع» (٨/ ١٧٠) : رواه الطبراني، وأبو يعلى، ورجاله ثقات. (١) ينظر: «الأحكام» (١/ ٥٩) . (٢) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٤٣) . (٣) أخرجه البخاري (٣/ ٣٣٤) في الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح (١٤١٩) ، و (٥/ ٤٣٩- ٥٤٠) في «الوصايا» ، باب الصدقة عند الموت (٢٧٤٨) ، ومسلم (٢/ ٧١٦) في الزكاة، باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح (٩٢- ٩٣/ ١٠٣٢) ، وأبو داود (٢/ ١٢٦) في الوصايا، باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية (٢٨٦٥) ، والنسائي (٥/ ٦٨) في الزكاة، باب أي الصدقة أفضل، و (٦/ ٢٣٧) في الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية، وابن ماجة (٢/ ٩٠٣) في الوصايا، باب النهي عن الإمساك في الحياة، والتبذير عند الموت (٢٧٠٦) . والبخاري في «الأدب المفرد» برقم (٧٨٦) ، وأحمد (٢/ ٢٣١، ٤١٥، ٤٤٧) ، وابن خزيمة (٤/ ١٠٣) برقم (٢٤٥٤) ، والبيهقي (٤/ ١٩٠) ، والبغوي (٣/ ٤٢٣) برقم.