وقوله: صَبِيًّا يريد: شاباً لم يبلُغْ حدّ الكهولة، ففي لفظ صبي على هذا، تجوّزٌ، واستصحابُ حال.
وروى مَعْمَرُ أَنَّ الصِّبْيَانَ دعوا يحيى إلى اللَّعب، وهو طِفْل، فقال: إني لم أُخلقْ للعب، فتلك الحِكْمة الَّتي آتاه الله عز وجل وهو صَبِيٌّ «١» ، وقال ابن عباس: من قرأ القرآن قبل أن يحتلم، فهو ممن أوتي الحِكْمة صَبِيّاً «٢» . «والحنان» : الرحمةُ، والشفقةُ، والمحبّة قاله جمهورُ المفسرين، وهو تَفْسِير اللغة ومن الشواهد في «الحَنَان» قولُ النابغة:
وقال عطاء بن أبي رباح: حَناناً مِنْ لَدُنَّا بمعنى تعظيماً مِنْ لدنا «٤» .
قال ع «٥» : وهو أَيضاً ما عظم من الأمر لأجل الله عز وجل ومنه قول زيد بن عمرو بن نُفَيْل في خبر بِلاَلٍ: واللهِ، لَئِنْ قَتَلْتُمْ هَذَا العَبْدَ لاَتَّخَذْنَ قَبْرَهُ حَنَاناً «٦» .
قال أَبو عبيدة: وأَكْثَر ما يُسْتَعمل مثنى. انتهى، والزكاةُ التنميةُ، والتَّطْهير في وُجُوه الخير.
قال مجاهدٌ: كان طعامُ يَحْيَى العُشب، وكان للدمع في خَدّه مجار ثابتة، وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً «٧» ، روي أن يحيى عليه السلام لم يواقع معصية قَطُّ صغيرة ولا كبيرة، والبَر كثير البرّ، والجبار: المُتكبّر، كأَنه يجبر الناس على أخلاقه.
(١) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣١٥) برقم: (٢٣٥٤٨) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٧) ، وابن كثير (٣/ ١١٣) ، والسيوطي (٤/ ٤٧٠) ، وعزاه لأحمد في «الزهد» ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والخرائطي، وابن عساكر عن معمر بن راشد. (٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٧) ، والبغوي (٣/ ١٩٠) والسيوطي (٤/ ٤٧٠) ، وعزاه لابن مردويه، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن ابن عباس مرفوعا، وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا. (٣) البيت لطرفة بن العبد في «ديوانه» ص (٦٦) ، و «الدرر» (٣/ ٦٧) ، و «الكتاب» (١/ ٣٤٨) ، و «ولسان العرب» (١٣/ ١٣٠) (حنن) ، و «همع الهوامع» (١/ ١٩٠) ، وبلا نسبة في «جمهرة اللغة» ص (١٢٧٣) ، و «شرح المفصّل» (١/ ١١٨) ، و «والمقتضب» (٣/ ٢٢٤) . (٤) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣١٦) رقم (٢٣٥٥٩) ، وذكره ابن عطية (٣/ ١١٣) . (٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٧) . (٦) ذكره ابن عطية (٤/ ٧) . (٧) ذكره ابن عطية (٤/ ٨) .