وقوله سبحانه: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ المعنى: فلا يَتَعَدَّ الوليُّ أمْرَ اللَّه بأنْ يقتل غير قاتِلِ وليِّه، أو يقتل اثنين بواحدٍ إلى غير ذلك من وجوه التعدِّي، وقرأ «١» حمزة والكسائيُّ، وابن عامر:«فَلاَ تُسْرِفْ» - بالتاء من فوق-، قال الطبري «٢» : على الخطاب للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم والأئمة بعده.
قال ع: ويصحَّ «٣» أنْ يراد به الوليُّ، أي: فلا تسرفْ أيُّها الولي، والضميرُ في «إِنه» عائدٌ على «الوليِّ» ، وقيل: على المقتول، وفي قراءة أبي بن «٤» كعب: «فَلاَ تُسْرُفوا في القِتَال إِنَّ وليَّ المَقْتُول كانَ مَنْصُوراً» ، وباقي الآية تقدَّم بيانه، قال الحسن:
بِالْقِسْطاسِ هو «٥» القَبَّان «٦» ، وهو القرسطون، وقيل: القِسْطَاسِ: هو الميزانُ، صغيراً كان أو كبيراً.
قال ع «٧» : وسمعت أبي رحمه الله تعالى يَقُولُ: رأيْتُ الواعِظَ أبا الفضْلِ الجَوْهَرِيَّ رحمه الله في جامعِ عمرو بن العاص يعظُ النَّاسَ في الوزْن، فقال في جملة كلامه: إِن في هيئة اليَدِ بالميزانِ عِظَةً، وذلك أنَّ الأصابعَ يجيءُ منها صُوَرةُ المكتوبة ألف ولامَانِ وهاء، فكأنَّ الميزان يقولُ: اللَّه، اللَّه.
قال ع «٨» : وهذا وعظٌ جميلٌ، «والتأويل» ، في هذه الآية المآل قاله «٩» قتادة،
(١) وحجتهم: قراءة عبد الله: «فلا تسرفوا في القتل» . وحجة الباقين: أن هذا الكلام أتى عقيب خبر عن غائب، وهو قوله: مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً. ينظر: «السبعة» (٣٨٠) ، و «الحجة» (٥/ ٩٨- ٩٩) ، و «إعراب القراءات» (١/ ٣٧٢) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٩٤) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٤٣٠) ، و «العنوان» (١١٩) ، و «حجة القراءات» (٤٠٢) ، و «شرح شعلة» (٤٦٣) ، و «إتحاف» (٢/ ١٩٧) . (٢) ينظر: «الطبري» (٨/ ٧٦) . (٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٥٣) . (٤) ينظر: «الشواذ» ص: (٨٠) ، و «الكشاف» (٢/ ٦٦٥) ، و «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٥٣) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٣١) . (٥) أخرجه الطبري (٨/ ٧٩) برقم: (٢٢٣٠٤) ، وذكره البغوي (٣/ ١١٤) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٥٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٢٩) ، وعزاه لابن المنذر، عن الضحاك. (٦) هو الميزان ذو الذراع الطويلة المقسمة أقساما، ينقل عليها جسم ثقيل يسمى الرمانة لتعين وزن ما يوزن. ينظر: «المعجم الوسيط» (٧٢٠) . (٧) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٥٥) . (٨) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٥٥) . [.....] (٩) أخرجه الطبري (٨/ ٧٩) برقم: (٢٢٣٠٦) بنحوه، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٥٥) ، وابن كثير في «تفسيره»