الآية: هذه الآية بجملتها فيها وعيدٌ للظالمين، وتسليةٌ للمظلومين، والخطابُ بقوله:
تَحْسَبَنَّ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ، معناه: تُحِدُّ النظرَ، لفرط الفَزَعِ ولفرط ذلك يشخص المحتضر، و «المُهْطِع» المسرع في مَشْيه قاله ابنُ جُبَيْر وغيره «١» ، وذلك بِذِلَّة واستكانة، كإِسراع الأسير ونحوه، وهذا أرجحُ الأقوال، وقال ابن عباس وغيره: الإِهطاع شدَّة النظر من غير أنْ يَطْرِفَ «٢» ، وقال ابنُ زَيْدٍ:«المُهْطِع» : الذي لا يرفع رأسَهُ «٣» ، قال أبو عُبَيْدة: قد يكون: الإِهْطَاعُ للوجْهَيْنِ جميعاً: الإِسراع، وإِدَامَةُ النَّظَر «٤» ، و «المُقْنِعُ» : هو الذي يَرْفَعُ رأْسَه قدُماً بوَجْهِهِ نحو الشيْءِ، ومِنْ ذلك قولُ الشاعر:[الوافر]
يصفُ الإِبلَ عند رعْيها أَعاليَ الشَّجَر، وقال الحسن في تفسير هذه الآية: وجوهُ الناسِ يوم القيامَةِ إِلى السماء لا يَنْظُرُ أَحدٌ إِلى أحد «٦» ، وذكر المبرِّد فيما حَكَى عنه مكِّيٌّ:
أن الإِقناع يوجَدُ في كلامِ العَرب بمعنَى: خَفْضِ الرأسِ من الذِّلَّة.
قال ع «٧» : والأول أشهر.
وقوله سبحانه: لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ أي: لا يَطْرِفُونَ من الحَذَرِ والجزعِ وشدَّة الحال.
وقوله: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ: تشبيه محضٌ، وَجِهَةُ التشبيه يحتملُ أنْ تكون في فراغِ الأَفئدة من الخَيْرِ والرَّجاء والطمعِ في الرحمة، فهي متخرِّقة مُشَبِهَةٌ الهواءَ في تَفرُّغه من الأشياء،
(١) ذكره ابن عطية (٣/ ٣٤٤) . (٢) أخرجه الطبري (٧/ ٤٦٨) برقم: (٢٠٨٧١) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٤٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٦٣) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم. (٣) أخرجه الطبري (٧/ ٤٦٩) برقم: (٢٠٨٧٩) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٤٤) . (٤) ذكره ابن عطية (٣/ ٣٤٤) . (٥) البيت للشماخ ينظر: «ديوانه» ص: (٢٢٠) ، و «اللسان» [قنع] ، و «المخصص» (١/ ١٤٦) ، و «التاج» حدأ، نجذ، قنع. والحدأة: بفتح الحاء: الفأس لها رأسان، و «مجاز القرآن» (١/ ٣٤٣) ، والطبري (١٣/ ١٤٢) . (٦) ذكره البغوي (٣/ ٣٩) ، وابن عطية (٣/ ٣٤٤) . (٧) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٣٤٤) .