سمعت شيخي يقول:«لا بُدَّ للأول من ثانٍ، ومن زعم أنه يقال لِمَا لا ثاني له أصلا: أوَّل، فقد أبعد».
قلت: فقد أُطلق على الله ولا ثاني له؟
قال: لا ثاني له في الإلهية، وإطلاق الأول عليه بمعنى أنه السابق في الوجود على غيره.
قلت: فما (١) غيره من جنسه.
قال: لا يُشترط كونه من جنسه، و "أوَّل" أفعَلُ تفضيل، فإذا لم يتصف (٢) لا يقتضي إلا المشاركة في الوصف الذي اشتقت منه صفته (٣)، أما المشاركة في الجنس فلا يقتضيها إلا الإضافة، وله على ذلك في سورة الحشر كلام نفيس (٤).
سمعت شيخي يقول:«من قواعد الفلاسفة الفاسدة: أنَّ الواحد لا يَصدُرُ عنه إلا واحد؛ لأنه لو صدر عنه أكثر من واحد، فكونه مصدرًا ل- «ج» مثلا مخالف لكونه مصدرًا ل- «ب»، فالمفهومان إن كانا داخلين في الذات لزم التركيب، أو خارجين لزم التسلسلُ الممتنع، أو الانتهاء إلى التركيب، إلى آخر ما نظموه من الشبهة، وهذا الذي قالوه بعينه يلزمهم في الواحد الصادر مع كونه صادرا عن الذات، والنَّسَبُ عندهم ثبوتية، فيقال لهم: الصادر وتأثير القادر فيه إما أن يكونا داخلَينِ، أو خارجين، أو أحدهما داخلا والآخَرُ خارجًا، ويُنقض كلُّ قسم بما
(١) (ما) هنا نافية. (٢) في ص: (يصفه)، وفي ز: (يُضف)، وكذا ك، لكن بلا نقط. (٣) في ز، ك، ق، س: (صيغته). (٤) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: (١٠/ ٢٦٩).