وقعت في غير مظنتها ولكن مقصودةً بالذات فإنها تُعتمد.
وقد عرفت ما نعنيه بالاعتماد، وهو أنا نُسندها إلى مصنفها، ونضيفها إلى قائلها، ونجزم القول عليه بأنه قوله ومعتقده، قد قاله عن قصد وروية، لا أنه الواقع في نفس الأمر، فإنَّ المصنف ربما أخطأ.
وللقسمين أمثلة كثيرة، أذكر منها هنا ما لعلك لا تجد غيري سبق إلى التنبيه عليه.
[فمنها الطهارة]
مسألة: تنجس الخف بخَرزه بشعر الخنزير، المسألة المشهورة التي حكى فيها الرافعي أنَّ أبا زيد كان يصلي فيه النفل دون الفرض، وموضع المسألة الطهارة، ولم يذكرها الرافعي إلا في أواخر الأطعمة (١).
ومنها: ذكر في «باب التيمم» أنَّ أبا علي الزجاجي والماوردي وآخرين (٢) ذكروا في عطشان معه ماء طاهر وآخر نجس: أنه يشرب النجس ويتوضأ بالطاهر (٣).
قلت: وهو ما ذكر الشيخ أبو حامد في «الرونق»، والمحاملي في «اللباب»، كلاهما في باب الأشربة: أنَّ الشافعي نص عليه في كتاب حرملة، لكن صحح النووي أنه يشرب الطاهر ويتيمم، وهو الذي يظهر إن كان النجس مما تعافه النفس (٤).
(١) انظر: الشرح الكبير: (١٢/ ١٧١). (٢) زاد في ظ ١، ظ ٢: (ما)، والمثبت من بقية النسخ. (٣) انظر: الشرح الكبير: (١/ ٢١٢، ٢١١). (٤) انظر: اللباب صـ ٣٨٩، روضة الطالبين: (١/ ١٠٠)، كفاية النبيه: (٢/ ٥٢).