للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه فروعٌ من هذا النوع مُستَظرَفَة (١)، وفي مطاويها غرائب

منها: قال أصحابنا: تصرُّف الإمام على الرعايا منوطٌ بالمصلحة، وهذا منصوص للشافعي ، إذ قال - كما رأيته - في آخر «عيون المسائل» لأبي بكر الفارسي: «ومنزلة الوالي من الرعية منزلة الولي من اليتيم» (٢)، انتهى.

وهو نص في كل وال، والأمر كذلك، ومن ثَمَّ إذا تخيَّر الإمام في الأسرى بين الاسترقاق، والقتل، والمن، والفداء؛ لم يكن ذلك موكولا إلى تَشَهيه، بل ما يراه مصلحةً فهو المتعيّن، حتى قال أصحابنا - منهم الرافعي: «إذا لم يظهر له وجه المصلحة حبسهم إلى أن يظهر» (٣).

ولا أعلم في ذلك تردُّدًا إلا ضمن بحث للرافعي في «باب قسم الفيء والغنيمة» حيث قال: «الأشبه أنَّ الإمام يجتهد ويراعي المصلحة» (٤)، فاستعماله لفظ «الأشبه» مُؤذِنٌ بتردُّد، ولكنه متروك عليه، ولا يُعرَفُ به قائل.

ومن ثَمَّ أيضا لا يجوز لأحدٍ من أولياء الأمور أن ينصب إماما للصلوات فاسقا، وإن صححنا الصلاة خلف الفاسق، كما صرح به الماوردي، وهو واضح؛ لأنها مكروهة، وولي الأمر مأمور بمراعاة المصلحة، وليس من


(١) في ز، م، ق، س: (مستطرفة).
(٢) انظر: أسنى المطالب: (١/ ٢١٩).
(٣) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٤٨٠).
(٤) انظر: الشرح الكبير: (٧/ ٣٥٠).

<<  <   >  >>