وكذلك ينبغي أن يقال في المبتدع، فقد نص الشافعي على أن الاقتداء بذي البدعة الظاهرة مكروه (١)، ونقله عامَّةُ الأصحاب، ومن الغريب أن الرافعي مع ذلك يقول:«يمكنك أن تستدلَّ بكراهة الاقتداء بالفاسق على كراهة الاقتداء بالمبتدع بطريق الأولى»(٢)، وكراهة الاقتداء بالمبتدع منصوصة، نص عليها الشافعي عند ذكره كراهة الاقتداء بالفاسق، فلا تحتاج إلى أن تستنبط من هذا، ثم قال الرافعي محتجًا لِما ذكره:«لأنَّ فِسق الفاسق يفارقه في الصلاة، واعتقاد المبتدع لا يفارقه»(٣)، وهذا احتجاج عندي جيد.
فإن قلت: إن أراد بالفسق المفارق في الصلاة الفسق بالفعل؛ فالبدعة أيضًا قد تفارق بالذهول عنها، أو بانسحاب حكم الفسق؛ فكل من البدعة والفسق ينسحب حكمه في الصلاة.
قلتُ: بل المراد أن المبتدع لتدينه ببدعته قد يُحضرها في صلاته؛ لأنه يتقرب بها، بخلاف الفاسق فإنه يعرف أنه مخطئ، فهو في صلاته الناهية عن الفحشاء والمنكر يبعد كل البعد عنها؛ لأنه إما أن يكون غافلا عنها، أو مستحضرًا لها ولكونها خَطِيئةً، واستحضار كونها خطيئةً حسن، بخلاف البدعة فإنَّ استحضارها يدعو إلى استحضار حسنها.
ولسنا هنا لغير أَنَّ تصرُّفَ الإمام منوط بالمصلحة، ولي في شرحي