وقد تكلمتُ على المسألة في «الطبقات» وقلتُ: إنّ لها صورًا:
تارة يقول:«ليس في يدي إلا كذا» فيقبل، صرح به الأصحاب.
وتارة يقول:«لم أرد إلا كذا»، والصحيح عند النووي والوالد أنه لا يقبل، وهي مسألة القاضي أبي سعد.
وتارة يقول:«ليس لي مما في يدي إلا كذا»، فقد ذكروا أنه يقبل. وتارة لا يدعي بعد ذلك شيئًا، بل يسكت أو يموت، فهل يقدّم على انتزاع كلّ ما في يده، أو يتوقف إلى أن يفسّر بما يشاء؟ وهذه حادثة الماكسيني، والذي يظهر فيها خلاف قوله، وأنه ينتزع، نعم، إن تنازع المقرّ له والورثة في شيء؛ هل كان في يده وقت الإقرار؟ ففيه خلاف بين القاضي الحسين والبغوي تكلمتُ عليه في «الطبقات» في ترجمة القاضي (١).
واعلم أن الحوادث أكثر من أن يحصرها كتاب، ولم أذكر إلا ما استغربتُ واستظرفتُ (٢)، وشوّقتُ به إلى النظر في كتابنا «الطبقات (٣) الكبير (٤)»، فإنّ فيه من هذا النوع الكثير، فأحببتُ أن أُري أنموذجَهُ.
مُهِمَّةٌ:
قد يكون الشيء مولّدًا فلا يعطيه النظر ما يعطيه عند حدوثه ووقوع الابتلاء به، فوقوع الابتلاء به يشبه المعاينة، وتوليده يشبه الخبر، وليس الخبر كالمعاينة،
(١) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: (٧/ ٣١٢، ٣١٣). (٢) كذا في ظ أ، ص، وفي ظ ٢ بلا نقط، وفي بقية النسخ: (واستظرفت). (٣) في ز: (كتابينا: الأشباه والطبقات). (٤) في ق: (الكبرى).