للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح وجوب الأكل، والأئمة من أصحابنا - الرافعي ومن تقدمه - إنما عبروا بالضرورة، وهي أخص، وقد صرح الروياني بأنَّ الحاجة لا تكفي فقال: «إن لم يكن مضطراً لا يجوز بذل المال، سواء أكانت حاجةً أم لم تكن»، وأشار هو وغيره إلى أن الخلاف في جواز بذل المال فضلا عن وجوبه مقصور على حال الضرورة وخشية اصطلام المسلمين، فلا تبقى نفس ولا مال (١).

وقد تبيَّن بما ذكرتُ أنَّ تخريج الرافعي على دفع الصائل غير خطأ ولا مناقض لما تقدم منه من الجزم بدفع الكافر الصائل.

فَصْلٌ

بَانَ لك أنه رُبَّ مكان إذا تأملته لم تجده مخالفًا بالكلية، وعدت على نفسك باللوم لسوء الفهم، ولقد وقع لي أنا من ذلك أني رأيتُ قول الرافعي في إبل الدية: «ومهما تعيَّن نوع فلا عدول إلى ما فوقه أو دُونَه إلا بالتراضي» (٢). فتخيلتُ أنه يُناقض موضعين من كلامه:

أحدهما: دعواه الاتفاق في الفطرة على إجزاء الأعلى عن الأدنى (٣)، وإن كانت تلك الدعوى ممنوعة بوجه في «الحاوي» (٤).

وثانيهما: قول الرافعي في الديات بعد ذلك فيما إذا استويا أنه في وجه: «يؤخذ بالقسط إلا إذا تبرع بالأشرف» (٥). وقَرَّرْتُ هذا في درس الشامية وقلتُ:


(١) انظر: بحر المذهب: (١٣/ ٤٠١).
(٢) انظر: الشرح الكبير: (١٠/ ٣٣٢).
(٣) قوله: (عن الأدنى)، من ظ ١، ٢، وليس في بقية النسخ.
(٤) انظر: الشرح الكبير: (٣/ ١٦٦).
(٥) انظر: الشرح الكبير: (١٠/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>