في الكلام ما يدلُّ عليه، ولا قائل به، خلافًا لما أوهمته عبارة ابن الرفعة، بل بمعنى أنا إن أوجبنا دفع الصائل المسلم تبقيةً للنفس، أوجبنا بذل المال للكافر لمثل ذلك، فإنَّ بذل المال لبقاء النفس أولى من قتل النفس لبقاء النفس.
أو أن يقال: إن أوجبنا دفع المسلم (١) لم نبذل المال بل نقاتل؛ لأنَّ في عدم الاستسلام هنا إعزازا للدين؛ لأنَّ المسلمين - كما قال الشافعي ﵁ قاتلين ومقتولين ظاهرون على الحق، فالصبر على قتالهم وإن أتى على النفس ظهور على الحق، ووصول إلى الشهادة، وربما ترتب عليه قتل بعض الكافرين، وهو مقصود، بخلاف قتل المسلم وإن صال.
وإن جوزنا الاستسلام للمسلم فقد يقال: لا يجب دفع المال هنا، بل يقاتل لما ذكرناه، وقد يقال: بل وجوب دفع المال هنا أولى؛ لأن فيه حفظا للمهج.
والحاصل: أنَّ البناء ممكن، والمعنى مختلف، ففي بذل النفس وعدم الذل للكافر إعزاز؛ إذ الإسلام - كما قال الشافعي - أعزُّ من أن يبذل المال للمشرك، وطلب للشهادة؛ إذ قصاراه القتل، وهو شهادة، وفي الاستسلام للمسلم بذل النفس له، وليس كذلك الكافر.
فإن روعي من بذلت له لم يتجه البناء؛ إذ ليس الكافر كالمسلم، أو ما بذلت فيه - وهو الدين وطلب الشهادة - اتَّجَه، فوضح البناء، وأنه لا مناقضة من الرافعي؛ لأنه لم يَدَّعِ خلافًا في الكافر.
والبناء على أكل المضطر أوضح، وبه يظهر وجوب بذل المال، فإنَّ