للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأطعمة]

مسألة (١): سمعتُ الشيخ الإمام يقول: «سَلَبَ اللهُ الخمر منافِعَها رضي عندما حرمها، وما دلّ عليه القرآن من أنَّ فيها منافع للناس إنما هو قبل تحريمها، فلما نزل التحريم سلبها خالقها تلك المنافع».

ومن هنا نتدرج إلى خلافية بينه وبين الشيخين، فإنهما حرَّمَا التداوي بشرب الخمر، ولا يُعقل التداوي إلا عند المنفعة، والشيخ الإمام عنده: لا منفعة، فلا تداوي، فالخلاف بينهم قياس مركّب، فيقال: التداوي عند الثلاثة بالخمر حرام، أما عندهما؛ فلكونها محرَّمةً، فلا مبالاة بالمنفعة التي تضمنته، وأما عند الشيخ الإمام فلاستحالة صورة المسألة؛ إذ لا منفعة، فإنَّ الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها، والخلاف حينئذ لفظي.

ولو قال قائل: لا يُحرّم الشيخ الإمام التداوي بها؛ إذ لا تداوي؛ لأصاب لفظا، ونظير كلامه هذا قول بعض أصحابنا في شربها للعطش: «إنه محال؛ لأنها تزيد الظمأ والعطش، فلا يحصل مقصود الرّي»، ومحل الخلاف في التداوي بقليل الخمر، قاله الرافعي في باب حد الخمر نقلا عن صاحب «التهذيب»، والروياني (٢)، ثم قال بعده بنحو ورقة: «لو احتيج في قطع اليد المتآكلة - نعوذ بالله منه إلى أن يزال عقله، هل يجوز؟ خُرّج على الخلاف في التداوي بالخمر» (٣)، وهذا صريح في أنَّ الخلاف يَطرُقُ الكثير منه؛ لأنه الذي يزيل


(١) قوله: (مسألة) زيادة من ظ ٢، ك، م، ص.
(٢) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٢٧٨).
(٣) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٢٨١).

<<  <   >  >>