للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقل، وبه صرح القاضي الحسين (١).

وقد يقال: إزالة العقل لأجل قطع اليد ليس تداويًا بالخمر؛ فإنَّ المعقول من التداوي بها حصول منفعة منها في البدن، لا أن يزال العقل ليُنالَ غَرَض من الأغراض في البدن، وكان الثاني أولى بالحل، فإنه متحقق النجاح، فإنَّ المقصود به حينئذ زوال العقل، ولا شك في حصوله، فأشبه إساغة اللقمة بها، بخلاف ما يقصد من منفعة أخرى كائنة بمزاج الخمر.

وأما غيره من الأعيان النجسة فالذي جزم به في «الأطعمة» وفي حد الخمر جواز التداوي به، وأشار إلى الفرق في «كتاب الطلاق» حيث ذكر ذلك بحثًا لنفسه، وقال: «كأنَّ السبب فيه أنَّ الطبع يدعو إلى شرب الخمر، فيحتاج إلى المبالغة في المنع منه، بخلاف الأدوية، ويؤيده نقله قبل الفصل الثاني» من «باب الأطعمة» عن «البحر» حِلَّ التداوي بنباتٍ مُسكِرٍ لا بُدَّ منه (٢)، وأنا رأيته في «البحر» لكن نقلا عن «الحاوي»، وسكت عليه.

واعلم أن قول الرافعي في باب حد الخمر في التداوي بالخمر: «لا بُدَّ من خبر طبيب مسلم، أو خبرته في نفسه، ويُشترط أن لا يجد ما يقوم مقامها، ويُعتبر هذان الشرطان في تناول الأعيان النجسة (٣)، انتهى = ربما أفهم اعتبار الأعيان النجسة بالخمر.

قال في «البحر» (٤): وفي شرب الخمر للجوع وجهان»، قال: «وقيل:


(١) علق ابن قاضي شهبة في حاشية ز: (قلت: ليس المراد فيما يظهر هنا إزالة عقله بشرب الخمر؛ بل بشيء من المهدات والمنومات، لا ما يُفهمه سياق هذا الكلام).
(٢) انظر: بحر المذهب: (٤/ ٢٦٧، ٢٦٦).
(٣) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٢٧٩).
(٤) انظر: بحر المذهب: (٤/ ٢٥٩)، الشرح الكبير: (١١/ ٢٧٧)، روضة الطالبين: (١٠/ ١٦٩).

<<  <   >  >>