وارث له ثم رجع، فهل يُقبل رجوعه؟ والذي اقتضاه نظري قبول رجوعه (١)؛ لأنه إن كان ماله المخلف عنه لبيت المال بالمصلحة كما يرجحه الوالد فهو حق الله، والرجوع في حق الله مقبول، وإن كان إرثاً كما يرجحه الشيخان فهو إرث لعموم الناس، فلا يبعد أن يُقبل رجوعه أيضاً، فإنَّ حكمة القصاص التشفي، ولا تشفّي لعموم الخلق، ووارثو هذا القاتل من جملة المسلمين الوارثين، وقد يكون فيهم ولد له، وإذا وجب القصاص على رجل فورث القصاص أو بعضه ولده لم يقتص.
ولستُ بقانع بهذا المأخذ دليلًا على قبول الرجوع، فإنه لو تَمَّ أوجب أن لا يجب القصاص على قاتل من لا وارث له مطلقا، ولكني أقول بقبول الرجوع فيه تغليبًا لحق الله في هذه الصورة.
مسألة وأنه لا يجوز قتل الكلب غيرِ الكَلب والعقور، وهو قضيَّةُ كلامهم في بابي «التيمم» و «الأطعمة»، وصححه النووي في «شرح المهذب»، وفي «شرح مسلم»، والمسألة مذكورة في «التيمم» و «إزالة النجاسة» و «الأطعمة» و «محرمات الإحرام» و «البيع» و «قسم الغنائم»(٢).
فإن قلت: إذا توافق النووي وشيخك على تصحيح المسألة، فما وجه ذكرك إيَّاها في باب تنازعهما، فإنك ثُمَّ ذكرتها؟ ثم إن كانت على خلاف المذهب فلِمَ ذكرتها ثم، وإن لم تكن فلم ذكرتها هنا؟
قلت: أما ذكرها في باب التنازع فلأنَّ النووي أقر الرافعي في «باب محرمات الإحرام» على أنه مكروه، وزاد أنَّ مراده أنها كراهة تنزيه، فأحوجنا
(١) كذا في ظ ١، ظ ٢، وفي بقية النسخ: (القبول). (٢) انظر: المجموع: (٩/ ٢٣٥)، شرح النووي على مسلم: (٣/ ١٨٦) و (١٠/ ٢٣٥).