العجب! إمامان بين وفاتيهما أزيد من مئة سنة، يتنازعان فرعاً، لا يُلم منهما (١) فيه واحد بنقل، وهو من مسطورات الرافعي، بل من منصوصات ابن سريج؛ لأنه خرّج فيه قولين، والدهر أبو العجب يأتي بالعجب (٢) بعد العجب.
وأعجب من ذلك: قدر الطريق، قال النووي:«قل من تعرض لضبطه، وهو مهم جدا»، إلى أن قال: «وإن كان بين أراء أراض (٣) يريد أصحابها إحياءها، واختلفوا؛ فقدره سبعة أذرع» (٤)، وتابعه الوالد في «شرح المنهاج».
وقد عرفناك فيما مضى أنَّ هذا مذهب أبي حنيفة، ولم يقل به منا قائل، ومذهبنا أنه يتقدر بقدر الحاجة، لا يختلف أصحابنا في ذلك، وبه جزم الماوردي في «الحاوي»، والروياني في «البحر» في «باب القسمة»، وأشار إليه الخطابي في معالم السنن، والبغوي في شرح السنة.
وصرح الكل بأنَّ الحديث الذي أشار إليه النووي مؤوّل، فلا يشك لبيب أنَّ النووي وأبي - تجاوز الله عني وعنهما - لو اطلعا على النقل في هذه المسألة لَمَا فعلا ذلك، بل كانا بين أن يُفتيا بالمذهب المنقول (٥) فيها - وهو الظاهر ــ أو يشيرًا إلى سبب عدولهما عنه (٦).
(١) في ظ ١، ظ ٢: (منها)، وساقط من م، س، والمثبت من بقية النسخ. (٢) قوله: (يأتي بالعجب) زيادة من ز، ك، ق، ص، إلا أنه في ز، ص: (بالعجيب)، وكذا بعهدها فيهما: (بعد العجيب). (٣) في ظ ١، ظ ٢: (أرض)، وساقط من م، س، والمثبت من بقية النسخ. (٤) انظر: روضة الطالبين: (٤/ ٢٠٦). (٥) في ق: (المنسوب). (٦) انظر: الحاوي: (١٦/ ٢٥٨)، بحر المذهب: (١٤/ ٤٢).