عزيز عزت ألوهيته أن تقاس بقياس، وتقدست أُحَدِيَّته أن تُشَبَّه بالناس، وتنزهت إحاطته أن تخفى عليه خافيةٌ ذاتُ إلباس (١)، لن يطاع إلا بإذنه، ولن يُعصَى إلا بعلمه، يُطاعُ فيشكر، ويُعصَى فيغفر، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حال دون النفوس، وأخذ النواصي، ونَسخَ الآثار، وكتب الآجال (٢).
كل العباد ضال إلا من هداه، جائع ظامئ إلا من أطعمه وسقاه، عار إلا من كساه، إليه المنقلب والمثوى، يعلم السر والنجوى، يكشف السوء والبلوى، يزجر النفس كيلا تهوي فيما تهوى، ولو شاء لآتى كل نفس هداها، لكنه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، يُسعد هذا، ويُشقي هذا، يُبعد هذا، ويدني هذا، يُضل هذا، ويهدي هذا، ينسى أهل الغفلة كما نسوه، ويذكر أهل الحضرة إذا قام قائمهم يدعوه.
عزيز حكيم، ليس لأحد عليه امتناع، ولا له به قدرة، حكم عدل لا يُبَدِّل أحد قوله، ولا يراجع أمره، حسيب يؤتى بأمثال الجبال، فيحاسب بمثقال الذرة، يقابل (٣) قوما بكبريائه فلا يسمع لهم شكوى، ولا يعيرهم نظرة، ولا يلبي لهم دعوة، ولا يرحم عبرة، ولا يقيل عثرة، ويعامل (٤) قوما برأفته، فيكفي كلا منهم أمره، ويُوليه نجاته وفوزه ونصره، ويُبَدِّل بيسارٍ عُسره، وينادي الفريقين: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ٩٤].
(١) في ك: (الناس). (٢) في ظ ٢: (وكتب الآثار، ونسخ الآجال). (٣) في ز: (يعامل). (٤) في م: (ويقابل)، وفي ظ ٢: (ويعاجل).