الخلق بأعز عليَّ من أوله، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الله الأحد الصمد، الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوا أحدٌ» (١).
ولا أحد أغير منه؛ ولذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحبُّ إليه المدح منه؛ ولذلك مدح نفسه، عظيم الكرم لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا حاجة يُسألها أن يعطيها، من لم يسأله يغضب عليه، وليس شيء أكرم عليه من الدعاء، لا يتبرم بإلحاح السائلين، ولا تُغَلِّطه (٢) المسائل، لو أن أول خلقه وآخرهم، وإنسَهم وجنهم، وحيَّهم وميتهم قاموا في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلا منهم ما سأله، ما نقص من ملكه شيئًا إلا كما ينقص البحر أن يُغمس فيه المخيط غمسةً واحدةً.
يمينُهُ مَلْأَى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خَلَق الخلق، فإنه لم يغض ما في يمينه، واسع المغفرة، لو لقيه العبد بقراب الأرض خطايا لقيه بقرابها مغفرة، ولو عمل من الذنوب والخطايا حتى يبلغ عنان السماء، ثم استغفره؛ غفرها له على ما كان منه ولا يُبالي، حَيِيٌّ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا، يقول كل ليلة:«من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»(٣).
جواد لا يبخل، كريم يعطي قبل أن يُسأل، حليم لا يجهل، يحلم على ابن آدم وإن تجبر وطغى وقال: مالي مالي، وهل له من ماله إلا ما أكله فأفناه، أو لبسه
(١) رواه النسائي (٧٦٢٠)، وهو صحيح إسناده على شرط الشيخين. (٢) ضبطها في ظ ١ بالتاء والياء معا. (٣) رواه البخاري (١١٤٥).