للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عانياً، ويُشبع جائعاً، ويجزي محسناً، وينصر مظلوماً، ويقصم جبَّاراً، ويُقيل عثرة، ويستر عورة، ويؤمن روعة، ويُرشد حيران، ويغيث لهفان، ويرفع أقواماً ويضع آخرين.

لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل (١) النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، أمره وسلطانه نافذ في السماوات وأبراجها، والأرضين وأقطارها، والبحار وظلماتها (٢)، والقفار وجنباتها، وسائر جزئيات العالم وذراتها، يُقَلِّبه ويُصَرِّفه كما يشاء برا وبحرًا، ويُنفِذُ فيه قضاء محكماً، وأمرًا مبرما، يأمر وينهى، يخلق ويرزق، إنه والجن والإنس لفي نبا عظيم.

يخلق ويُعبد غيره، ويرزق ويُشكر غيره، سبحانه من ملك ما أحكمه (٣)! وعزيز ما أعظمه! يعطي ويمنع، يخفض ويرفع، يحيي ويميت، يُعز ويُذل، يُقَلِّب الليل والنهار، ويداول الأيام بين الناس، ويقلب الدول، قلوب العباد ونواصيهم بيده، وأزمة العقود معقودة بقضائه وقدره، بدأ الدنيا ولم تك شيئاً، ثم هو الذي يعيدها كما بدأها.

صبور ما من أحد أصبر على أذى منه، يَدْعُون له ولداً ثم هو يعافيهم ويرزقهم، ويقول: «كذَّبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني، وشتمني ولم يكن له أن يشتمني، أما تكذيبه إياي فقوله (٤): إني لا أُعيده كما بدأته، وليس آخر


(١) زاد في ز: (عمل).
(٢) ضبطها في ظ ١: (وظلمائها)، و (وظلماتها).
(٣) في ظ ٢: (أجله).
(٤) في ظ ٢: (فيقول).

<<  <   >  >>